وأيضا معلوم أنّ أماريّة الأمارة منوطة بعدم القطع على خلافها وعلى وفاقها أيضا ، إذ مع القطع بأحد الطرفين لا يبقى مجال للتعبّد.
أمّا في صورة كون القطع على وفاقها ، فحجّية الأمارة تكون من قبيل تحصيل ما هو حاصل بالوجدان بالتعبّد ، الذي هو أسوء من تحصيل الحاصل المحال.
وأمّا في صورة كونه على خلافها ، فمن جهة عدم إمكان جعل الطريق والمثبت للذي خلافه ثابت لديه ، فالأمارة المعتبرة حجّة لمن يكن شاكّا في مؤدّاها ، فإذن قوله صلىاللهعليهوآلهوسلم : « الولد للفراش » يكون أمارة في مورد الشكّ في أنّ الولد هل لصاحب الفراش أو لغيره ، وإلاّ فمع أنّه له أو لغيره لا يبقى مجال للتمسّك به في مقام الإثبات.
نعم حيث أنّه بناء على ما ذكرنا أمارة معتبرة لا يعتنى بالظنون غير المعتبرة على خلافها ، كما هو الحال في كلّ أمارة ، مثلا لو شهدت البيّنة العادلة على أنّ فلانة زوجة فلان مع عدم نفيه ، فالظنّ غير المعتبر على أنّها ليس زوجة له لا أثر له.
وفيما نحن فيه بعد ما جعل الشارع الفراش أمارة على أنّ الولد لصاحب الفراش ، فكونه شبيها بالزاني وإن كان يوجب الظنّ بأنّه له ، ولكنّ الشارع لم يعتبر هذا الظنّ ، فلا أثر له في مقابل الحجّة المعتبرة ، ولذلك هو صلىاللهعليهوآلهوسلم لم يعتبر ولم يعتن بالشبه الذي كان بين الولد وعتبة بن أبي وقّاص ، وردّ دعوى سعد بن أبي وقّاص ، وحكم بكون الولد لزمعة ، معلّلا بأنّه صاحب الفراش. وأمّا أمره صلىاللهعليهوآلهوسلم زوجته سودة أمّ المؤمنين بالاحتجاب عن ذلك الولد للشباهة التي كانت بينه وبين عتبة ـ مع أنّه صلىاللهعليهوآلهوسلم حكم بأنّه أخوها ـ فمن باب الاحتياط ، وقد تقرّر في الأصول أنّ الاحتياط حسن عقلا وشرعا ، حتّى مع وجود الحجّة المعتبرة على أحد الاحتمالين. وهذا الحديث أيضا أحد الأدلّة على حسنه شرعا ، بل استحبابه إن كان أمره صلىاللهعليهوآلهوسلم باحتجابها منه مولويّا ، لا إرشاديّا إلى حسن الاحتياط.
ومن جملة الظنون غير المعتبرة التي لا تقاوهم هذه الأمارة قول القافة بواسطة