ثمَّ إنّه بناء على الخروج عن ملك الواقف ، فهل يدخل في ملك الموقوف عليه ، أو في ملك الله تعالى ، أو يبقى بلا مالك ، أو يفصّل بين الوقف الخاصّ والعامّ؟
فالأوّل عبارة عن الوقف على الأشخاص ، والثاني على العناوين.
ففي الأوّل ينتقل إلى الموقوف عليهم ، وفي العامّ ينتقل إلى الله تعالى أو يفصّل بين الوقف الخاصّ وبين الوقف على الجهات ، كالمساجد والقناطر ولخانات التي في الطريق لعموم المسافرين ، ففي الأوّل ينتقل إلى الموقوف عليهم ، وفي الثاني إلى الله. وتفاصيل أخر. وجوه بل أقوال.
أقول : لو لم يوجد دليل على الانتقال إلى الموقوف عليه ، ووصلت النوبة إلى حكم الشكّ ، فلا شكّ في أنّ مقتضى الأصل عدم الانتقال.
وأمّا الدليل على الانتقال ، فعمدته عند القائلين به أمران :
أحدهما : بقاء الملك بدون مالك ، وهو غير معقول.
والثاني : أنّ الملكيّة اعتبار عقلائيّ أمضاها الشارع لترتّب آثار عليها ، فإذا رأينا أنّ الشارع يرتّب آثار الملكيّة لشخص أو عنوان بالنسبة إلى مال ، نستكشف ملكيّة ذلك المال لذلك الشخص ، أو لذلك العنوان عند وجودهما ، وهذا من الحكم بوجود اللزوم لوجود لازمه ، ولا شكّ في أنّ ملكيّة نماء مال وثمراته من الآثار ولوازم ملكيّة نفس ذلك المال ، وأيضا لا شكّ في أنّ نماءات مال الموقوف وثمراته تكون للموقوف عليهم.
أقول أمّا الأوّل : ففيه : أنّ كون المال بلا مالك لا مانع منه ، فإنّ المباحات الأصليّة التي يدفع بإزائها المال مال وليس لها مالك ، وكذلك الأموال التي يعرض عنها أصحابها بناء على القول بخروج تلك الأموال عن ملك أصحابها بالإعراض عنها ، فأموال وليس لها مالك قبل وضع آخر يده عليها.
وأمّا الملك بدون المالك وإن كان لا يمكن وغير معقول إلاّ أنّ كون المال الموقوف