عليهم ، أو للحاكم ، أو يفصّل بين الوقف العامّ فللحاكم ، وبين الوقف الخاصّ فللموقوف عليهم؟ وجوه وأقوال :
أقول : أمّا الواقف بعد أن تمَّ الوقف يكون كسائر الأجانب ، بناء على ما تقدّم من زوال ملكه بالوقف ، فلو لم يعيّن في متن العقد فليس له أيّ مداخلة في شؤون الوقف. وأمّا ما يقال : من أنّه كان له النظر في شؤون هذه العين التي وقفها ، وأيضا كان له أن يعيّن غيره للنظر فيها ، والذي معلوم زواله بالوقف هو الملك لا كون النظر فيها وتدبير شؤونها بنفسه أو بتعيين الغير له ، فيستصحب.
ففيه : أنّ كون النظر له من شؤون الملكيّة ، فإذا زالت فيزول قطعا ، فلا يبقى مجال للاستصحاب.
فيدور الأمر بين أن يكون أمر التولية وتعيين الناظر بيد الحاكم أو الموقوف عليه ، وقد تقدّم الوقف على الجهات العامّة ـ كالمساجد والقناطر والخانات الموقوفة للمسافرين وأمثال ذلك ـ لا يملكه أحد ، ففي مثل هذه الأوقاف لا شبهة في أنّ أمر توليتها بيد الحاكم ، بأن يباشر تدبير شؤونها إمّا بنفسه ، وإمّا بأن يعيّن غيره.
وأمّا بالنسبة إلى الأوقاف الخاصّة ـ كالوقف على أولاده وذراريه مثلا ـ والأوقاف على العناوين العامّة التي قابلة لأن تتملّك ، فبناء على كونهم مالكين للوقف وإن كان في بادئ النظر تأتي إلى الذهن قوّة احتمال أن يكون أمر النظر مباشرة أو تعيينا إليهم ، لكونهم ملاّك ولهم السلطنة على أموالهم بمباشرتهم بأنفسهم ، أو بتعيينهم شخصا آخر ، ولكن عند التأمّل حيث أنّ هذه الملكيّة ليست كسائر الأملاك المطلقة ليكون المالك مطلق العنان ـ بل لا بدّ من مراعاة حقوق البطون اللاحقة أيضا في جميع التصرّفات على أنحائها في هذا الملك ، وليست البطون اللاحقة بالنسبة إلى البطن السابق كالوارث ، لأنّ المورث مطلق العنان ، وملكه طلق ، بخلاف البطن السابق بالنسبة إلى اللاحق ـ فليس له ولاية التصرّف في هذا الملك الذي لا بدّ من ملاحظة