والأوزاعي (١) والثوري (٢) والبلخي (٣) والليث (٤) ، حتى الأخير منهم ادّعى إجماع أهل العلم على نشر الحرمة بمثل ما يفطر به الصائم ، مع أنّ أكثرهم قائلون بالتقدير.
نعم ذهب القاضي نعمان المصري صاحب « دعائم الإسلام » إلى مقالتهم ، لما رواه في ذلك الكتاب عن أمير المؤمنين عليهالسلام أنّه قال : « يحرم من الرضاع قليله وكثيرة المصة الواحدة تحرم » (٥).
ثمَّ قال في محكي الجواهر : وهذا قول بيّن صوابه لمن تدبّره ووفّق لفهمه ، لأنّ الله تعالى يقول ( وَأُمَّهاتُكُمُ اللاّتِي أَرْضَعْنَكُمْ ) والرضاع يقع على القليل والكثير (٦).
وفيه : أنّ الاستدلال لأمثال هذه الفتاوى بمطلقات الكتاب والسنّة لا وجه له ، بعد تقييدها بالمقيّدات المستفيضة ، كما ستمرّ عليك إن شاء الله تعالى.
وأمّا ما رواه عن مولانا أمير المؤمنين عليهالسلام ، ومكاتبة عليّ بن مهزيار ـ في الصحيح ـ لأبي الحسن عليهالسلام يسأله عمّا يحرم من الرضاع؟ فكتب عليهالسلام : « قليله وكثيره حرام » (٧) فلا بدّ وأن يطرحا أو يؤوّلا ، لإعراض الأصحاب عن العمل بظاهرهما ، ومعارضتهما مع ما هو معمول به بين الأصحاب ، وأصحّ سندا وأكثر عددا ، مع موافقة
__________________
كتاب الرضاع ، ما جاء في حرمة الرضاعة ، « بلغة السالك لأقرب المسالك » ج ١ ، ص ٥١٥ ، باب في بيان أحكام الرضاع.
(١) « فقه الأوزاعي » ج ٢ ، ص ١٢٩ ، في أحكام الرضاع ، المسألة الأولى : المقدار المحرم في الرضاع ، « المحلى » ج ١٠ ، ص ١٢ ، أحكام الرضاع ، نقل عن الأوزاعي ، « المغني » ج ٩ ، ص ١٩٣ ، كتاب الرضاع ، (٦٤١٠) المسألة الأولى ، نقل عن الأوزاعي.
(٢) « المغني » ج ٩ ، ص ١٩٣ ، كتاب الرضاع ، (٦٤١٠) المسألة الأولى ، نقل عن الثوري.
(٣) « جواهر الكلام » ج ٢٩ ، ص ٢٦٩ ، في شروط الرضاع وأحكامه ، نقل عن البلخي.
(٤) « المغني » ج ٩ ، ص ١٩٣ ، كتاب الرضاع ، (٦٤١٠) المسألة الأولى ، نقل عن الليث بن سعد.
(٥) « دعائم الإسلام » ج ٢ ، ص ٢٤٠ ، ذكر الرضاع.
(٦) « جواهر الكلام » ج ٢٩ ، ص ٢٧٠.
(٧) « تهذيب الأحكام » ج ٧ ، ص ٣١٦ ، ح ١٣٠٨ ، باب : ما يحرم من النكاح من الرضاع وما لا يحرم منه ، ح ١٦ ، « الاستبصار » ج ٣ ، ص ١٩٦ ، ح ٧١١ ، باب : مقدار ما يحرم من الرضاع ، ح ١٦ ، « وسائل الشيعة » ج ١٤ ، ص ٢٨٥ ، أبواب ما يحرم بالرضاع ، باب ٢ ، ح ١٠.