فيه العدد والعدالة ، أو من جهة أنّ قول أهل الخبرة في نفسه حجّة من دون لزوم اندارجه تحت أدلّة حجّية البيّنة لبناء العقلاء على حجّية قولهم والرجوع إليهم ولو كان واحدا وفاسقا ، بل كان كافرا. كلّ ذلك من جهة بناء العقلاء وعدم ردع الشارع لهذا البناء؟
الظاهر هو الأخير ، لأنّ كلام أهل الخبرة في هذه المقامات ليس من جهة إحساسهم بأحد الحواسّ الخمسة الظاهريّة شيئا لا يدركه من عداهم ، لأنّه ربما يكون غير أهل الخبرة أقوى حواسّا من أهل الخبرة ، بل يكون من جهة إعمال رأيهم ونظرهم ، ولو كان هذا الرأي قد حصل لهم من ناحية الإحساس ، فبناء على هذا لا يحتاج إلى التعدّد ولا إلى العدالة.
ثمَّ إنّ في بعض هذه الأخبار كان بدل شدّ العظم « إنبات الدم » كما في روايتي عبيد بن زرارة ورواية حمّاد بن عثمان ، والظاهر أنّه ملازمة بين إنبات اللحم والدم مع إنبات اللحم وشدّ العظم ، لأنّه ليس المراد من إنبات الدم هو تحوّل الغذاء إلى الدم ، إذ لا يصدق عليه الإنبات في ذلك الوقت ، بل المراد به الدم الذي يجري في العروق الشعريّة ، ويأخذ كلّ عضو وجزء من الأعضاء والأجزاء النامية مقدارا منه ، ويصير من سنخ ذلك الجزء ، فالعظم أيضا مثل سائر الأجزاء له نصيب من هذا الدم.
فمعنى إنبات الدم أي صيرورة الجارية في العروق الشعريّة من سنخ الأعضاء المتغذّية بذلك الدم ، فيكون العنوانات ـ أي : عنوان إنبات اللحم ، والدم ـ مع عنوان إنبات اللحم وشدّ العظم متلازمين ، لا ينفكّ أحدهما عن الآخر.
فلا يبقى مجال لأن يقال : هل كلّ واحد منهما موضوع مستقلّ ، أو لا بدّ من اجتماع كلا العنوانين ، أو أحدهما موضوع دون الآخر؟ فيقع التعارض بين الأخبار التي مؤدّاها عنوان إنبات اللحم والدم ، مع التي مؤدّاها عنوان إنبات اللحم وشدّ العظم كي نحتاج إلى إعمال قواعد باب التعارض.