ومعلوم أنّ المراد من إرضاع الامرأة بحسب العدد هو الخمسة عشر رضعة ، أو العشر رضعات.
فتدلّ هذه الروايات على أمرين : اتحاد المرضعة ، واتّحاد الفحل ، فنتيجة هذه الروايات هو أنّه لا بدّ في تحقّق الرضاع المحرّم من أن تكون المرضعة واحدة والفحل واحدا ، ففي صورة عدم اتّحاد كليهما لا تحريم ، كما إذا ارتضعت جارية مثلا من امرأة بعض العدد المعتبر في التحريم ، ومن امرأة أخرى لفحل آخر ما بقي من تمام العدد ، أو عدم اتّحاد الفحل فقط ، كما إذا أرضعت امرأة رجل ولدا ببعض العدد من لبن زوجها ، وبعد ذلك طلّقها زوجها أو وهبها أو باعها لو كانت أمته ، فتزوّجت من رجل آخر بعد انقضاء عدّتها ، وحبلت بعد ذلك من زوجها الثاني أو من مولاها الثاني ، ودرّ لبنها من الزوج الثاني أو من مولاها الثاني ، فكملت العدد من لبن الفحل الثاني.
لكن صحّة هذا الفرض منوط بأن يكون الفاصل بين الرضعات بغير إرضاع امرأة أخرى ، أي : لو كان بسائر الأغذية لا يكون منافيا مع التوالي الذي اعتبر فيها ، ولو كان ذلك الفاصل من الأغذية الآخر مدّة طويلة ، فلا تحريم في هذه الصورة أيضا ، كما أنّه لو كان الفحل واحدا والمرضعة متعدّدة ، كأن تكونا زوجتين ، أو أمتين ، أو مختلفتين لشخص واحد ، ويكون كلا اللبنين له ، فلا تحريم أيضا.
ثمَّ إنّه يمكن تصوير تعدّد الفحل مع وحدة المرضعة بشكل لا يكون الفاصل في البين أصلا ، لا بالإرضاع من امرأة أخرى ، ولا بغذاء آخر. وهو فيما إذا طلّق امرأته وتزوّجت بعد انقضاء عدّتها من رجل آخر ، فحبلت من ذلك الرجل ، ولكنّ اللبن كان مستمرّا من زمان أنّها كانت زوجة للزوج الأوّل إلى زمان وضع الحمل الذي صار من الزوج الثاني وبعده أيضا.
فبناء على ما اخترناه ـ تبعا لجمع من المحقّقين ـ من أنّ اللبن قبل الوضع للزوج الأوّل وبعد الوضع للزوج الثاني ، فيمكن أن يكون بعض الرضعات العشر أو الخمسة