بل ربما يظهر من عبارته عدم وجدانه الخلاف صريحا إلاّ ما عن التذكرة بأنّ السقوط أقوى (١). قال : ولعلّه يؤذن باحتمال عدم السقوط ـ فعلى كلّ حال مستندهم في سقوط المهر هو أنّ انفساخ العقد ـ وانحلاله.
وان شئت قلت بطلانه ـ يقتضي رجوع كلّ ما انتقل منه إلى طرفه إليه ثانيا ، بمعنى : عوده إليه ، وذلك من جهة أنّ بقاء كلّ من العوضين على ملك من انتقل إليه موقوف على بقاء العقد واستمراره ، إذ أنّ بقاء الأثر تابع لبقاء مؤثرة وعلته ، وتبعية المعلول لعلّته حدوثا وبقاءا ـ كاد أن يكون من البديهيات ، ولذلك ترى أنّ كلّ عقد تعقبه الفسخ ـ بإقالة أو خيار ـ يرجع كلّ مال إلى صاحبه قبل العقد ، ففساد العقد من أيّ سبب كان نتيجته ارتفاع آثار العقد من حين البطلان والفساد.
ولا شكّ في أنّ ثبوت المهر من آثار صحّة عقد النكاح. نعم النماء الذي وجد للمهر إلى حين الفساد هي للمرتضعة ، لما قلنا إنّ ارتفاع آثار العقد من حين وقوع الفساد لا من أوّل الأمر ، فإذا ارتفع العقد وصار النكاح فاسدا وباطلا ، فقهرا يرتفع أثره الذي هو عبارة عن ثبوت المهر.
هذا غاية ما يمكن أن يقال في هذا المقام.
ولكن أنت خبير بأنّ باب النكاح ليس من قبيل باب المعاوضات بالنسبة إلى الزوجيّة والمهر ، بحيث يكون التعهّد من طرف الزوج بأن يكون المهر الذي هو ملك الزوج يكون للزوجة على أن تكون زوجيّتها أو بضعها للزوج عوض المهر ، بحيث يكونان ـ أي : الزوج والزوجة ـ يتبادلان بين المهر والبضع أو الزوجيّة.
وذلك من جهة أنّ حقيقة عقد النكاح عبارة : عن تعهّد الزوجة بأن تكون زوجة للرجل ، فالمنشأ في عقد النكاح في الإيجاب هي زوجيّة المرأة لزوجها ، وحيث أنّها من الأمور الاعتباريّة قابلة للجعل والإنشاء ، وفي القبول يتعهّد الزوج قبول هذه
__________________
(١) « جواهر الكلام » ج ٢٩ ، ص ٣٢٥.