وممّا ذكرنا ظهر لك حال الفروع الأخر التي ذكروها في هذا المقام ، مثل ما ذكروا فيما إذا كانت مختارة في الإرضاع بدون ملزم شرعي ، كما إذا خافت على حياة الرضيعة إن لم ترضعها ، وكذا بدون إجبار أو إكراه وأمثال ذلك ممّا يخرجها عن الاختيار والاستقلال ، هل للزوج أن يرجع إليها فيما يغرمه من المهر للرضيعة أم لا ، بناء على عدم السقوط؟ ووجّهوا الرجوع إليها بأنّها سببت فوات زوجيّة الرضيعة والانتفاع بها.
وذلك لما عرفت من عدم كون الزوجيّة أو البضع مالا كي يكون إتلافهما موجبا للضمان.
وأيضا ما ذكروا من أنّ الرضيعة لو سعت إليها وامتصت ثديها وهي مكّنتها ولم تمنعها ، هل هذا التمكين بمنزلة فعلها وإرضاعها استقلالا ، فعليها غرامة جميع ما يؤدّي الزوج للصغيرة أو ينصف بينهما؟
بمعنى أنّ نصف المهر يسقط بواسطة سعي الصغيرة بنفسها إليها وارتضاعها من لبنها ، فسقوط الزوجيّة بفعلها ، فلا تستحقّ نصف المهر لشركتها مع الكبيرة في إسقاط الزوجيّة ، والنصف الآخر تغرمه الكبيرة لشركتها في إسقاط الزوجيّة بتمكينها الرضيعة من الامتصاص والارتضاع.
ولكن أنت خبير بأنّ جميع هذه الوجوه والكلمات ظنون استحسانيّة غير معتبرة لا ينطبق على قواعد باب الضمان ، وعرفت أنّه لا وجه لسقوط المهر.
هذا كلّه بالنسبة إلى المرتضعة الصغيرة ، وأمّا المرضعة الكبيرة التي سقطت زوجيّتها وبطل نكاحها بواسطة الرضاع المحرّم ، فإن كان الزوج دخل بها فلا مورد للشكّ في ثبوت مهرها وعدم سقوطه ، وأمّا إن لم تكن مدخولة وفسد نكاحها بالرضاع المحرّم ـ وكان إرضاعها باختيارها بدون ملزم شرعي ولا إجبار ولا إكراه ـ فربما يقال بسقوط مهرها ، لأنّها سببت سقوط زوجيّتها من دون إجبار ولا إكراه