فذهب جماعة منهم الشيخ (١) والعلاّمة قدسسره (٢) في بعض كتبه إلى عدم قبول شهادتهن فيه.
وذهب جماعة أخرى إلى القبول ، منهم الشيخ الأجل المفيد (٣) والمرتضى قدسسره.
لا شكّ في أنّ مقتضى القواعد الأوّليّة عدم ثبوت الرضاع إلاّ بالعلم الوجداني أو البيّنة ، هو مفاد قوله عليهالسلام : « الأشياء كلّها على هذا حتّى يتبيّن لك أو تقوم به البيّنة ». (٤)
والظاهر أنّ المراد بالبيّنة معناها المصطلح عند الفقهاء ، وهو شهادة رجلين عادلين ، فقبول قول النساء وشهادتهنّ في باب الرضاع يحتاج إلى دليل يدلّ عليه.
وما يمكن أن يكون أمران.
الأوّل : مرسلة ابن بكير عن الصادق عليهالسلام في امرأة أرضعت غلاما وجارية؟ قال عليهالسلام : « يعلم ذلك غيرها؟ » قلت : لا ، قال : فقال : « لا تصدّق إن لم يكن غيرها » (٥).
فمفهوم قوله عليهالسلام « لا تصدّق إن لم يكن غيرها » هو أنّها تصدّق إن كان غيرها ، وهذا بإطلاقه يشمل فيما إذا كان ذلك الغير امرأة أخرى ، فينتج أنّه لو كانت هناك امرأة أخرى مع المرضعة وشهدوا بوقوع الرضاع يقبل قولهما وتصدّقان.
وفيه : أنّ ظاهر قوله عليهالسلام : « لا تصدّق إن لم يكن هناك حجّة أخرى » غير إخبارها ، فالمرسلة في مقام نفي حجّية إخبار المرضعة واحتياج إثبات الرضاع إلى حجّة أخرى ، وهي كالبيّنة مثلا ، لا أنّ قولها وحدها ليس بحجّة ، ومع انضمامها إلى
__________________
(١) « النهاية » ص ٤٦٢.
(٢) « تحرير الأحكام » ج ٢ ، ص ١١.
(٣) « المقنعة » ص ٧٢٧.
(٤) « الكافي » ج ٥ ، ص ٣١٣ ، باب النوادر ( من كتاب المعيشة ) ، ح ٤٠ ، « وسائل الشيعة » ج ١٢ ، ص ٦٠ ، أبواب ما يكتسب به ، باب ٤ ، ح ٤.
(٥) « تهذيب الأحكام » ج ٧ ، ص ٣٢٣ ، ح ١٣٣٠ ، باب : ما يحرم من النكاح من الرضاع وما لا يحرم منه ، ح ٣٨ ، « وسائل الشيعة » ج ١٤ ، ص ٣٠٤ ، أبواب ما يحرم بالرضاع ، باب ١٢ ، ح ٣.