كونه واجدا للصفات النوعيّة ، لا بدّ وأن يكون من أمثال ذلك التالف. بل المثل المنطقي أوسع من هذا ، إذ هو يطلق على كلّ فرد يكون متّحدا مع التالف في الماهيّة وإن لم يكن واجدا لجميع صفاته النوعيّة.
وعلى كلّ حال لا شكّ في أنّ المرتبة النازلة من ردّ التالف هي هذه المرتبة ، بعد عدم إمكان ردّه بجميع خصوصيّاته الشخصيّة ، وإن لم يمكن هذه المرتبة أيضا من ردّ ذلك الشيء المأخوذ ـ والمفروض كما بيّنّاه أنّ ذلك الوجود الاعتباري باق في عهدته ، أي في عالم الاعتبار ، إذ لم يأت بالغاية التي توجب سقوطه ـ فتفريغ ذمّته الذي لازم بحكم الفعل والشرع يقتضي أن يأتي بمرتبة أخرى من ردّ التالف الممكنة ، وليست هي إلاّ أداء ماليّة التالف بعد عدم إمكان ردّ خصوصيّاته الشخصيّة ، ولا الجهات النوعيّة التي كانت للتالف ، فلا يبقى في البين ما يمكن ردّه إلاّ جهة ماليّته ، فتصل النوبة إليها ، وإن كانت هذه المرتبة أنزل من المرتبة الثانية.
وهذه المراتب ليس بصرف الدقّة العقليّة ، بل العرف أيضا يحكم مثل ما ذكرنا ، لأنّه أيضا بعد ما حكم بالضمان ـ بالمعنى الذي ذكرنا له ـ يرى في الدرجة الأولى ردّ نفس العين المأخوذة ، وبعد التلف وعدم إمكان ردّ نفس العين ، لو كان له مثل يحكم بلزوم ردّ المثل ، لأنّ في ردّ المثل لا يذهب من مال المغصوب منه إلاّ جهاته الشخصيّة ، وباقي جهاته تصل إليه ، أي جهة ماليّته وجهاته النوعيّة ، وجهاته الشخصيّة التي تذهب لا يمكن تداركها. وإن لم يكن له مثل ، أو تعسّر تحصيله فيحكم بأداء ماليّته ، إذ المقدار الممكن من وصول المال إلى صاحبه هو هذا المقدار.
وأمّا ما في بعض الروايات من وجوب إعطاء القيمة ابتداء بعد تلف المغصوب أو المأخوذ بدون إذن المالك ، من دون ذكر المثل ، فمن جهة كون المورد من القيميّات لا المثليّات.
وما ذكرنا من المراتب بالنسبة إلى المثلي والقيمي كان حسب الضابط العقلي