فمعنى كون المأخوذ في ذمّة الآخذ وفي عهدته ، هو أنّ المهيّة الموجودة في الخارج إن وقعت تحت اليد غصبا أو بدون إذن المالك أو الشارع ، يعتبرها الشارع أو العقلاء أو كلاهما في عهدة الآخذ. والمراد من الذمّة والعهدة هو عالم الاعتبار الذي هو عبارة عن نفس الاعتبارات ، فعهدة كلّ شخص وكذلك ذمّته عبارة عن اعتبارات الشارع أو العقلاء بالنسبة إليه.
فمفاد الحديث الشريف هو أنّ كلّ مال أخذه أمّا جبرا وبالقوّة ، أو بدون إذن من قبل مالكه ، أو من قبل الشارع فهو مستقرّ بوجوده الاعتباري على صاحب تلك اليد. وهذا الوجود الاعتباري ثابت عليه ، لا يرتفع إلاّ بأداء ذلك المأخوذ فبالأداء يفرغ ذمّته.
وأداء ذلك المأخوذ في الدرجة الأولى يردّ نفس العين الخارجيّة التي وقعت تحت اليد ، ولكن إذا تلفت تلك العين الخارجيّة فبصرف تلفها لا يرتفع ذلك الموجود الاعتباري ، لأنّ بقاءه في العهدة ـ أي في عالم الاعتبار ـ مغيى بالأداء ، فما لم يؤدّ لا يرتفع ويكون باقيا ، ولا منافاة بين تلفه خارجا وبقائه في عالم الاعتبار ، فإذا كان باقيا بعد تلف العين فأداؤه بردّ نفس العين الخارجيّة محال ، فتصل النوبة إلى الدرجة الثانية من الأداء ، أي أداء مثله ، فإذا لم يوجد مثله وتعذّر أو تعسّر تحصيله تصل النوبة إلى الدرجة الثالثة من الأداء ، وهي أداء ماليّته ، أي قيمته.
والسرّ في ذلك هو أنّ ردّ المال إلى صاحبه إن كان ممكنا بجميع خصوصيّاته الشخصيّة فيجب ، لأنّه الفرد الحقيقي من الردّ بدون أيّ عناية. وإن لم يمكن ردّه بخصوصيّاته الشخصيّة بواسطة التلف ، إذ كلّ فرد من طبيعة ذلك المأخوذ غيره بحسب الخصوصيّات الشخصيّة ، ولكن يمكن ردّ ذلك الشيء بالصفات النوعيّة ـ وان كان فاقدا لخصوصياته الشخصية ـ فيجب ردّ ذلك المثل.
وإنّما قلنا ذلك المثل ، لأنّ الفرد الذي يصدق عليه ذلك الشيء بحسب الماهيّة ، مع