وقيمة المادة أيضا كذلك ، مع أنّ التالف من المثليّات بالمعنى الثاني.
وأمّا في الأنواع والأصناف التي لا دخل للصناعة البشريّة فيها ، بل هي بمادّتها وصورتها من المخلوقات الإلهيّة ، فلا يمكن أن تكون المادّة لشخص والصورة لشخص آخر ، فإذا صار تالفا فمقتضى كونه بوجوده الاعتباري في عهدة الضامن هو تفريغ ذمّته بأداء مثله في الدرجة الثانية ، أي بعد تعذّر العين ، لا القيمة التي هي الدرجة الثالثة ، كما بيّنّا هذه المطالب وشرحناها مفصّلا.
وأنت خبير بما في هذا الكلام ، مضافا إلى الإشكالات العلميّة التي فيه ، أنّ هذا الفرق غير فارق بالنسبة إلى ما هو المقصود.
أما أوّلا : فلعدم جريانه فيما إذا كان التالف بمادّته وهيئته ملكا لشخص واحد ، وهذا القسم هو الغالب في الخارج ، لأنّ المتعارف في هذا العصر أنّهم يشترون من الأسواق من المصنوعات البشريّة ، وما من بيت إلاّ وفيه عشرات منها ، فالمادّة والهيئة كلاهما لشخص واحد ، فإذا تلف تحت يد غير مأذونه أو غاصبة أو التي أخذه بعقد فاسد أو بغير ذلك من الأيدي الموجبة للضمان ، فلا بدّ للضامن من إعطاء مثله ـ لما ذكرنا ، فلا نعيد ـ إلاّ أن يكون إجماع على عدم كفاية المثل لتفريغ ذمّة الضامن فيما إذا كان المثل من المصنوعات البشريّة ، وادّعاء هذا عجيب.
وثانيا : لا مانع من أن يكون الضامن في عهدته مثل التالف لكليهما ، فيشتركان في ما هو في عهدة الضامن ، كما كانا في الأصل كذلك.
وثالثا : حيث تحصل الشركة القهريّة بين العامل الصانع ـ كالنجّار مثلا ـ وبين صاحب المادّة ، فلا يبقى موضوع لهذا الفرض كي يكون ضامنا لأحدهما بالمادّة وللآخر بالهيئة ، بل لأحدهما ضامن بأحد الكسور وللآخر بالآخر ، سواء كانا متّفقين في الكسر أو كانا مختلفين.
وخلاصة الكلام : أنّ الفرق بين الأنواع والأصناف الطبيعيّة والصناعيّة خلاف