فالحقّ في المقام هو بقاء العين في ملك مالكه حتّى بعد الغرامة ، وليس جمعا بين العوض والمعوّض في بعض الصور ، لأنّ إعطاء البدل ليس من باب المعاوضة ، بل يكون من باب الغرامة كما عرفت.
ثمَّ إنّه من فروع عدم كون إعطاء البدل من باب المعاوضة القهريّة أنّه لو خرج المال المغصوب عن الماليّة في يد الغاصب إمّا شرعا أو عرفا ، كما إذا صار الخلّ المغصوب خمرا ، أو بقي الجمد المغصوب صيفا إلى الشتاء عند الغاصب ، فلا شك في أنّ الغاصب يغرم بالبدل. فلو قلنا بأنّ إعطاء البدل يكون من باب المعاوضة القهريّة ، فحقّ الاختصاص في ذلك الخمر أو في ذلك الجمد لا يبقى للمالك بعد إعطاء البدل لخروجه عن ملكه بالإعطاء ، بل يكون للغاصب. فلو صار ذلك الخمر ثانيا خلا ، أو بقي ذلك الجمد إلى الصيف الآتي يكونان ملكا للغاصب بمقتضى تلك المعاوضة القهرية.
وأمّا إن قلنا بأنّه ليس من باب المعاوضة القهريّة ، بل يكون من باب الغرامة لما فات من كيس المالك من ماليّة ماله ، فيكون حقّ الاختصاص للمالك.
لا يقال : إنّ التلف وما في حكمه يخرج المال عن ملك مالكه ، لعدم صحّة اعتبار الملكيّة في التالف والمعدوم أو ما كان بحكمها ، فحال المالك حال سائر الأجانب عن ذلك المال. بل يمكن أن يقال بأنّه للغاصب ، لكونه في يده ، وبعد التلف ليس يده يدا عادية كي لا يترتّب عليها آثار اليد.
لأنّ زوال الملكيّة لا ينافي بقاء حقّ الاختصاص ، لأنّه مرتبة ضعيفة من الملكيّة ، وذهاب المرتبة القويّة لا يلازم عدم بقاء المرتبة الضعيفة أيضا.
ولو حصل الشكّ في بقائها يكون مجرى للاستصحاب ، ويكون هذا الاستصحاب من القسم الثالث من أقسام القسم الثالث من استصحاب الكلّي ، فمع مساعدة العرف في وحدة القضيّتين المتيقّنة والمشكوكة يجري الاستصحاب.