وأمّا الغاصب فله أيضا المطالبة بتفريغ ذمّته عن ذلك الثقل الذي عليه ، أي عن الجهتين الباقيتين في ذمّته ولا ينافي ذلك بقاء الخصوصيّات الشخصيّة في ملك المالك ، لأنّه حين ما تمكّن من ردّها برفع التعذّر وجب ردّها ، فلا يفوت من المالك شيء.
هذا ، مضافا إلى أنّ حال هذا الضمان حال سائر الضمانات ، فكما أنّ في سائر الضمانات للضامن مطالبة المضمون له بتفريغ ذمّته ـ ففي الدين الذي حلّ أجله للمديون إلزام الدائن بالأخذ ، وإن لم يقبل يرفع أمره إلى الحاكم ـ فكذلك في المقام.
واعتذار المالك بأنّه لا يريد إلاّ جميع جهات ماله من الخصوصيّات الشخصيّة ، والجهتين الأخريين ، لا يقبل منه ، لأنّ تلك الجهة المتعذّرة فعلا ليست مكلّفة بالأداء لعجز الضامن ، والمفروض أنّ تلك الجهة لا تذهب من البين بالمرّة في التعذر الموقت ، غاية الأمر يتأخّر أداؤها.
وهذا يشبه أن يكون المغصوب شيئين ، فتعذّر ردّ أحدهما موقّتا وأمكن ردّ الآخر ، فامتنع المالك من قبول الموجود ويعتذر لامتناعه بأنّي أريد الاثنين.
وصرف أنّهما موجودان بوجودين ، والجهات الثلاث موجودة بوجود واحد ، لا يوجب فرقا فيما هو محلّ الكلام.
فما ذكره شيخنا الأستاذ قدسسره من الاستدلال لما اختاره (١) ـ تبعا لشيخنا الأعظم قدسسره من عدم حقّ للضامن بإلزام المالك بأخذ البدل (٢) ، بأنّ الخصوصيّات الشخصيّة وإن سقط التكليف عنها بالأداء للتعذّر ، ولكن لم يسقط ضمان الخصوصيّات الشخصيّة وضعا.
غير خال عن الخلل ، لما ذكرنا أنّ بقاء الخصوصيّات الشخصيّة بوجودها الاعتباري في ذمّة الضامن لا ينافي مع حقّ الضامن بتفريغ ذمّته عن المقدار الممكن
__________________
(١) النائيني في « المكاسب والبيع » ج ١ ، ص ٣٩٠ ، في بدل الحيلولة.
(٢) « المكاسب » ص ١٠٦ ـ ١٠٧.