فكما أنّ الحديث الشريف يشمل وقوع الأيدي المتعدّدة على الأموال المتعدّدة ، كذلك يشمل الأيدي المتعدّدة إن وقعت على مال واحد.
وذلك من جهة أنّ المناط في تعدّد الضمان تعدّد اليد ، إذ هو موضوع الحكم بالضمان على نحو القضيّة الحقيقيّة ، فتنحلّ إلى قضايا متعدّدة حسب تعدّد أفراد موضوعها الذي هي اليد ، كما هو الشأن في جميع القضايا الحقيقيّة ، ولا دخل في تعدّد ما تقع عليه اليد في الحكم بالضمان ، فإذا صارت الأيدي كلّ واحدة منها موضوعا مستقلاّ للضمان ، فمن آثار ذلك ، جواز رجوع المالك إلى كلّ واحدة منها.
نعم إذا رجع إلى إحديهنّ وأخذ منها المثل أو القيمة ـ في صورة تلف المغصوب ـ فليس له الرجوع إلى غيره من الأيدي ، لأنّه لم يكن له إلاّ مال واحد وقد قبضه.
نعم المقبوض منه إن لم يكن هو الذي صار عنده التلف واستقرّ عليه ، فله أن يرجع إلى كلّ واحدة من الأيدي اللاحقة لو لم يكن غارّا لها. وسيظهر وجهه إن شاء الله تعالى.
نعم ها هنا إشكال : وهو أنّ المال الواحد كيف يمكن أن يكون مضمونا بضمانات متعدّدة في عرض واحد؟ فإنّ تدارك المال الواحد من شخصين مستقلاّ ، بمعنى أن يكون على كلّ واحد منهما ردّ تمام هذا المال بتمامه غير ممكن ، فكما أنّ وجود شخص مال واحد في الخارج بتمامه عند شخص ، وكذلك بتمامه عند شخص آخر في نفس ذلك الزمان لا يمكن ـ وإلاّ يلزم أن يكون الواحد اثنين وهو محال ـ فكذلك وجوده في عهدة اثنين في عالم الاعتبار ـ بحيث يكون تفريغ ما في ذمّته يصدق عليه أنّه أداؤه ـ لا يمكن ، لأنّه لا يعقل أن يكون للشيء الواحد أداءين في عرض واحد لما قلنا أنّه مستلزم لأن يكون الواحد اثنين ، وهو محال.
وقد صحّحه صاحب الكفاية قدسسره في حاشيته على مكاسب شيخنا الأعظم قدسسره