٢ ـ الإلقاء في النفس : ربط الطبري بين الإلهام والإلقاء في المعنى ، إذ يرى أن الوحي إلى النحل معناه : ألقَ إليها ذلك فألهمها (١). فكأنّه يرى أن طريق إيصال ذلك الوحي هو الإلقاء وإن المعاني إذا انطبعت في نفس النحل واستحقت التعبير عنها بالوحي فهذه المعرفة هي الإلهام على درجات أولها الإلقاء في النفس.
ونقل الطبري ... قال أخبرنا معمر قال : بلغني في قوله : ( وَأَوْحَىٰ رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ ) : قذف في نفسها (٢).
وعبّر الزمخشري عن الربط بين الصيغتين وما تؤدّيان إليه من معنى هو حقيقتهما بأنّ هذا الوحي إلى النحل يعني : إلهامها والقذف في قلوبها وتعليمها على وجه هو أعلم به لا سبيل لأحد إلى الوقوف عليه (٣). وهذا بلا شك رأي يبيّن القول في كيفية هذا الوحي إلى النحل بأن يؤكّد خفاءَه وأن لا طريق إلى معرفته فهو سر من أسرار خلقتها.
٣ ـ الأمر : حيث عبّروا عن هذا الوحي بأنّه كان بأمره تعالى لها دون بيان كيفية وصول هذا الأمر. عن ابن عباس قال في : ( وَأَوْحَىٰ رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ ) أمرها أن تأكل الثمرات وأمرها أن تتبع سبل ربها ذللاً (٤). وإجمالاً فإنّ هذه الصيغ عموماً تصب في معنى الإلهام.
ويحلل القاضي عبد الجبار حقيقة هذا الإلهام بتعدد صيغه بأن ما عُبِّر عنه بالوحي إليها لا يدخل تحت مفهوم الوحي الذي يكون للأنبياء عليهمالسلام وإنّما هو
________________
(١) جامع البيان ٣ : ١٨٣.
(٢) جامع البيان ١٤ : ٩٣.
(٣) الكشاف ٤ : ٤١٧.
(٤) جامع البيان ١٤ : ٩٣.