شيء منه.
فالموثقة سيقت لبيان الوظيفة الظاهريّة للمبتدئة ، فإذا انقطع الدم قبل ثلاثة أيّام انكشف عدم كون الدم حيضاً بمقتضى الرّوايات المتقدّمة ، فلا معارضة بينها وبين الأخبار المتقدّمة ، لأنّ الموثقة بصدد بيان الحكم الظاهري والأخبار المتقدّمة تدل على الحكم الواقعي ، ولا تنافي بين الأحكام الظاهريّة والواقعيّة حتّى تطرح الموثقتان أو تحملا على خلاف ظاهرهما ، أو يعمل بهما في موردهما فقط ، أعني المرأة الحبلى أو المبتدئة الّتي ترى الدم في الشهر يومين وفي الشهر ثلاثة.
ثمّ إنّ هذا التحديد حقيقي كسائر التحديدات الشرعيّة ، كتحديد الكرّ بالوزن أو بالمقدار ، وتحديد السفر الموجب للقصر بثمانية فراسخ ، أو وجوب التمام عليه بالتردّد ثلاثين يوماً وهكذا ، فكما أنّها تحديدات حقيقيّة شرعيّة بحيث لو نقص الماء أو المسافة عنهما ولو بأقل قليل لم يترتب عليه الحكم بالكرية ووجوب القصر كذلك الأمر في المقام ، فلو رأت المرأة الدم ثلاثة أيّام إلاّ قليلاً فلا يحكم عليه بالحيض بمقتضى ظهور الأخبار الواردة في تحديد الحيض بأن لا يكون أقل من ثلاثة أيّام.
نعم هناك بحث آخر وهو أنّ الثّلاثة يعتبر فيها التوالي والاستمرار أو لو رأت الدم ثلاثة أيّام متفرقة أيضاً بأن تراه يوماً وانقطع حتّى تراه بعد أيّام يوماً وهكذا إلى ثلاث أيّام يكتفى به في الحكم بالحيضيّة؟ وهذا بحث آخر أجنبي عمّا نحن بصدده يأتي التعرّض إليه عند تعرّض الماتن له (١) ، فلا وجه لابتناء المسألة على استفادة اعتبار التوالي من الأدلّة الدالّة على أنّ أقل الحيض ثلاثة أيّام ، والقول بأن الحكم المذكور واضح بناءً على استفادة اعتبار التوالي من ظهور الأدلّة المشار إليها.
وذلك لأنّا إنّما نعتمد في الحكم بعدم حيضيّة الدم الأقل من ثلاثة أيّام ولو بقليل على ظواهر الأخبار ، لكونها ظاهرة في التحديد الحقيقي ، سواء قلنا باعتبار التوالي في
__________________
(١) يأتي في الصفحة ١٢١.