وقد خالف في ذلك صاحب الحدائق قدسسره (١) وذهب إلى كفاية الثّلاثة المتفرقة ، ونقله عن بعض علماء البحرين أيضاً ، كما نسب ذلك إلى الشيخ قدسسره في نهايته واستبصاره وذهب إليه المحقّق الأردبيلي قدسسره (٢).
وما ذهب إليه المشهور هو الصّحيح ، والثّلاثة المتفرّقة غير كافية في الحكم بحيضيّة الدم ، فلو رأت الدم يوماً وانقطع بعده يومين ثمّ رأت يوماً واحداً وانقطع كذلك إلى أن ترى الدم ثلاثة أيّام متفرّقات لم يحكم بكونه حيضاً.
وعلى ما ذهب إليه صاحب الحدائق قدسسره وموافقوه يمكن أن تستمر حيضة واحدة واحداً وتسعين يوماً كما ذكره المحقّق الهمداني قدسسره (٣) ، كما إذا رأت الدم يوماً وانقطع إلى تسعة أيّام ، ورأت الدم يوم الحادي عشر وانقطع إلى تسعة أيّام ، ثمّ تراه يوم الحادي والعشرين وانقطع إلى تسعة أيّام ، ورأته يوم الحادي والثّلاثين وهكذا إلى اليوم الواحد والتسعين ، حتّى تكون الأيّام الّتي رأت فيها الدم عشرة أيّام مع عدم تخلّل طهر واحد بين الأيّام المذكورة ، وإن تخلّل أقل من الطّهر كتسعة أيّام مثلاً فهو غير مانع من الحكم بكون الدم حيضاً ، لأنّ اعتبار تخلّل أقلّ الطّهر إنّما يختص بحيضتين ، وأمّا الحيضة الواحدة فلا يعتبر أن يتخلّل في أثنائها أقل الطهر.
هذا بل لو اكتفى صاحب الحدائق قدسسره بكفاية التلفيق لأمكن استمرار الحيضة الواحدة إلى مائة واثنين وثمانين يوماً ، كما إذا رأت الدم نصف يوم وانقطع تسعة أيّام ، ورأته نصف يوم من اليوم الحادي عشر وانقطع حتّى رأته نصف يوم من اليوم الحادي والعشرين وهكذا ، فإنّه يكون ضعف الواحد والتسعين ، هذا.
ولكن ملاحظة ذيل كلام صاحب الحدائق قدسسره تعطي أنّه لا يلتزم بعدم اعتبار التوالي مطلقاً ، حيث تعرّض في نهاية كلامه إلى رواية الفقه الرّضوي الدالّة
__________________
(١) الحدائق ٣ : ١٥٩ / في غسل الحيض.
(٢) مجمع الفائدة والبرهان ١ : ١٤٣ / المقصد الثّاني في الحيض.
(٣) مصباح الفقيه ( الطّهارة ) : ٢٦٣ السطر ٦.