ما تراه بعد العشرة من الحيضة الثّانية ، مع أنّه لا تتحقّق الحيضة الثّانية إلاّ بتخلّل أقل الطّهر وعدم كون الدم أقل من ثلاثة وكونه بأوصاف الحيض ، فلا دلالة لها على أنّ الحيضة الثّانية غير مشترطة بشيء ، بل تدل على أنّ الحيضة الثّانية على تقدير تحقّقها في نفسها بمالها من الشرائط ينضم إليها الدم الّذي تراه المرأة بعد العشرة ، فلا بدّ من استفادة أنّ شرائط الحيضة الأُولى والثّانية أيّ شيء من المراجعة إلى الأدلّة الخارجيّة ، وقد عرفت أنّ الأخبار الواردة في المسألة ظاهرة الدلالة على اعتبار التّوالي والاستمرار في الثّلاثة.
ولعلّ ما ذكرناه من عدم دلالة الرّواية على المدعى هو مراد صاحب المدارك (١) قدسسره من أنّ الرّواية غير صريحة في كفاية الثّلاثة المتفرّقة بإرادة عدم الدلالة من عدم الصّراحة ، فلا يرد عليه ما أورده في الحدائق من أنّ ظهور الرّواية في المدعى يكفي في إثباته ولا يعتبر كونها صريحة ، فإنّ من البعيد جدّاً أن يخفى على صاحب المدارك حجيّة الظّهور وكفايته في المدّعى ، فالمراد به عدم دلالتها على المدّعى كما قدّمناه. هذا كلّه في المرحلة الاولى وبالنظر إلى دلالة الأخبار على ذلك.
المرحلة الثّانية : أعني ما تقتضيه العمومات والإطلاقات في المقام ، فنقول : إنّ مقتضى عموم ما دلّ على وجوب الصّلاة على جميع المكلّفين أو إطلاقه ، وعموم ما دلّ على جواز إتيان الزّوج زوجته أنّى شاء وفي أيّ زمان أراد ، وغير ذلك من الأحكام وجوب الصّلاة على المرأة الّتي رأت الدم ثلاثة أيّام متفرّقات ، لأنّها أيضاً من أفراد المكلّفين ، كما أنّ مقتضى العموم أو الإطلاق في قوله : ( ... فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنّى شِئْتُمْ ... ) (٢) جواز إتيان بعلها في ذلك الزّمان ، أعني الزّمان الّذي رأت فيه المرأة الدم ثلاثة أيّام متفرّقات.
والسرّ في ذلك أنّ نسبة ما دلّ على عدم وجوب الصّلاة على الحائض وعدم جواز
__________________
(١) المدارك ١ : ٣٢١ / الفصل الثّاني في الحيض.
(٢) البقرة ٢ : ٢٢٢.