الثّانية : ما إذا جهل حاله ولم يدر أنّه كان متطهراً أم محدثاً ، والحال فيها كسابقتها لمعارضة الاستصحابين وقاعدة الاشتغال.
الثّالثة : ما إذا كان عالماً بحدثه قبل خروج الرّطوبة المشتبهة ، لأنّه بال أو نام بعد غسله ، واللاّزم حينئذ هو الوضوء ولا يجب عليه الغسل حينئذ ، والعلم بخروج البول أو المني غير مؤثر في شيء ، إذ لا أثر لخروج البول حينئذ ، لأنّه كان مكلّفاً بالوضوء قبل خروج الرّطوبة أيضاً ، وكان مكلّفاً بغسل الموضع مرّة واحدة فحسب بناءً على ما هو المشهور من كفاية الغسل مرّة واحدة في جميع النجاسات ، وعليه فالخارج سواء أكان بولاً أم كان منيّاً لا يوجب إلاّ الغسل مرّة واحدة ، فهو عالم بوجوب الغسل مرّة على كلّ تقدير ، فلا أثر زائد على خروج البول حينئذ ، إلاّ أن يقال بلزوم تعدّد الغسل في البول دون المني فمقتضى استصحاب عدم خروج المني عدم كونه مكلّفاً بالغسل ، لأنّ مقتضى قوله تعالى : ( ... إِذا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا ... وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُباً فَاطَّهَّرُوا ... ) (١) أنّ الوضوء وظيفة من لم يكن جنباً ، فإذا نفينا جنابته بالأصل فهو مكلّف ليس بجنب فلا محالة يجب عليه الوضوء ، ولا يعارضه استصحاب عدم خروج البول ، إذ لا أثر لخروجه وعدمه.
وتوهّم أنّ استصحاب كلّي الحدث يقضي بوجوب الغسل والوضوء حينئذ حتّى يقطع بارتفاعه.
مندفع : بأنّه إنّما يجري فيما إذا لم يكن هناك أصل موضوعي حاكم عليه ، وفي المقام مقتضى استصحاب عدم خروج المني أو استصحاب بقاء حدثه الأصغر بحاله تعيين الرّطوبة المشتبهة في البول ، وأنّ حدثه كان هو الأصغر فقط ، هذا كلّه فيما إذا كان المكلّف جنباً واغتسل.
ومنه يظهر الحال في غير موارد الجنابة ، فإنّ غير الجنب إذا خرجت منه رطوبة مشتبهة أيضاً يأتي فيه ما قدّمناه ، لأنّه إذا كان بال ولم يستبرئ بالخرطات يتعيّن عليه
__________________
(١) المائدة ٥ : ٦.