أنّ تضعيف الشيخ للرجل مستند إلى استثناء الصّدوق له ، كما هو ظاهر كلامه المتقدِّم حيث قال : محمّد بن عيسى بن عبيد اليقطيني ضعيف استثناه أبو جعفر محمّد بن علي ابن بابويه عن رجال نوادر الحكمة ، كما أنّ استثناء الصدوق له مستند إلى ما ذكره شيخه ابن الوليد من أنّه لا يعتمد على ما تفرّد به محمّد بن عيسى من كتب يونس وحديثه ، فالتضعيف في الحقيقة مستند إلى ابن الوليد قدسسره.
إلاّ أنّ عدم اعتماده قدسسره على ما تفرّد به محمّد بن عيسى من كتب يونس وحديثه لا يدلّ على ضعف في الرّجل ، وإلاّ لم يكن وجه لعدم اعتماده على خصوص ما تفرّد به عن يونس ، لأنّه الضّعيف مطلقاً فلا يعتمد على شيء من رواياته ، فيستفاد من تخصيصه عدم اعتماده بما تفرّد به من كتب يونس وحديثه أنّ لروايته عنه خصوصيّة أوجبت عدم اعتماده قدسسره على روايته عنه في ذلك المورد فحسب.
ولعلّ السرّ فيه ما حكاه نَصر بن صَبّاح (١) من أنّ محمّد بن عيسى أصغر سنّاً من أن يروي عن ابن محبوب فكيف بروايته عن يونس ، فإنّ ابن محبوب متأخر عن يونس بست عشرة سنة ، فإذا كان محمّد بن عيسى أصغر سنّاً بالإضافة إلى عصر ابن محبوب فلا محالة يكون أصغر سنّاً بالإضافة إلى يونس بطريق أولى ، والصغير لا يعتمد على روايته.
إلاّ أنّ ذلك لا يمنع عن الاعتماد على رواية الرّجل وذلك :
أمّا أوّلاً : فلأنّ كونه أصغر سنّاً من أن يروي عن ابن محبوب إنّما نقل عن نَصر بن صَباح ، وهو ممّن لا يعتمد على قدحه وإخباره كما ذكروه (٢).
وأمّا ثانياً : فلأن المانع عن قبول الرّواية إنّما هو صغر سنّ الرّاوي حال الأداء لا حال التحمّل ، فالمدار في الصغر المانع عن قبول الرّواية إنّما هو الصغر حال الأداء لا على حال التحمّل ، كما هو الحال في الشّهادة حيث إنّ الشاهد لو تحمّل الشهادة
__________________
(١) رجال الكشي : ٥٣٧ / الرّقم ١٠٢١ ، رجال النجاشي : ٣٣٤ ، الرّقم ٨٩٦.
(٢) راجع معجم رجال الحديث ١٨ : ١٢٤ ، الرّقم ١١٥٣٦.