القطع الطريقي.
وقبل الشّروع في بيان الدليل على هذا المدّعى ننبّه على أنّ كلام الماتن قدسسره في هذه المسألة حيث حكم بتحقّق العادة بالتمييز مناف لما يأتي منه قدسسره في المسألة الاولى من فصل حكم تجاوز الدم عن العشرة ، حيث منع فيها عن الرّجوع إلى العادة الحاصلة بالتمييز عند تجاوز الدم عن العشرة ، وحكم بالرجوع إلى العادة الحاصلة بالوجدان ، إذ لو كانت العادة الحاصلة بالتمييز كالعادة الحاصلة بالوجدان لم يكن وجه للمنع عن الرّجوع إليها.
وكيف كان إنّ مقتضى موثقة سماعة ومرسلة يونس المتقدّمتين (١) حصر تحقّق العادة بما إذا أُحرز بالوجدان الدم في شهرين على حدّ سواء من دون أن يتجاوز دمها العشرة. فذات العادة وقعت في مقابل من تجاوز دمها العشرة ، فلا عادة لمن تجاوز دمها العشرة ، وإنّما هي منحصرة بمن رأت انقطاع الدم في شهرين على حدّ سواء بالوجدان.
وتفصيل الكلام في ذلك أنّ الأدلّة الواردة في أنّ المرأة ترجع إلى عادتها وأيّامها فيما إذا تجاوز دمها العشرة وإن كانت كغيرها من الأدلّة متكلّفة لإثبات الحكم على الموضوع الواقعي ، وهو قد يثبت بالتعبّد فلا تكون الأيّام حينئذ بمعنى الأيّام المعلومة والثّابتة بالقطع والوجدان ، إلاّ أنّ مقتضى الإطلاقات الآمرة بالرّجوع إلى الصفات أنّ المرأة لا بدّ وأن تميّز الحيض بالصفات ، وقد خرجنا عن إطلاقها في المرأة ذات العادة أي المرأة الّتي تثبت لها العادة بالوجدان ، فإنّها ترجع إلى عادتها وتجعلها حيضاً والباقي استحاضة وإن كان بصفة الحيض ، وأمّا ذات العادة بالتمييز فلم يقم دليل على رجوعها إلى عادتها عند تجاوز دمها العشرة ، فالإطلاقات فيها محكمة ولا مناص من أن ترجع إلى الصفات في الشهر الثّالث أيضاً ، كما كانت ترجع إليها في الشهرين المتقدّمين.
__________________
(١) الوسائل ٢ : ٢٨٧ / أبواب الحيض ب ٧ ح ١ و ٢.