نكتفي في تخصيص العموم وتقييد المطلق بالأقل المتيقن ، ويرجع في المقدار الأكثر المشكوك فيه إلى العموم والإطلاق ، كما هو الحال في غير المقام من موارد دوران المخصص المنفصل بين الأقل والأكثر ، ومقتضاها الحكم بعدم كون المرأة حائضاً في المثال لا الحكم بكونها حائضاً ، فلا تشمل القاعدة الشبهات الحكمية بوجه.
كما أنّها لا تشمل الشبهات الموضوعيّة إذا استند الشكّ فيها إلى الشكّ في تحقّق الشرط المعلوم الاشتراط في الحيض كالبلوغ ، كما إذا شككنا في أنّ الصبيّة كانت بالغة أو لم تكن ، ومن ثمة شككنا في أنّ ما رأته بصفات الحيض حيض أو ليس بحيض لاشتراط البلوغ في الحكم بالحيض ، ومن هنا أوردوا على من قال بحيضيّة الدم حينئذ من جهة استكشاف بلوغها برؤية الدم واجداً للصفات بأنّ من جملة شرائط الحيض البلوغ ، ومع الشكّ في البلوغ كيف يمكن الحكم بكون الدم حيضاً ، فلا يحكم عليه بالحيضيّة حينئذ نظراً إلى أنّه ممّا يحتمل أن يكون حيضاً واقعاً لاحتمال أن تكون الصبية بالغة.
وكذا إذا كانت المرأة ذات عادة إلاّ أنّها شكّت في كون الدم الّذي رأته حيضاً من جهة الشكّ في تقدّم الطّهر وتأخّره ، بأن رأت حيضاً وطهراً ثمّ رأت الدم ولم تدر أنّ المتأخّر المتصل بالدم هو الطّهر أو الحيض ، وعلى الثّاني لا يمكن الحكم بحيضيّة الدم لعدم تخلّل أقلّ الطّهر بينهما ، ومع الشكّ لا يمكننا الحكم بحيضيّة الدم ولو للمطلقات كما دلّ على أنّ الدم ثلاثة أيّام أو أربعة حيض فلتدع الصّلاة (١) وغيره من المطلقات (٢) ، وذلك للعلم بتقييدها بما إذا تخلّل بينه وبين الحيضة السابقة أقلّ الطّهر فإذا شكّ في أنّ الدم المفروض من الأفراد الخارجة أو الباقية تحت العموم فلا مجال فيه للتمسك بالعام ، لأنّه من الشبهات المصداقيّة وهو ظاهر ، فلا بدّ حينئذ من الرّجوع إلى الأصل اللفظي أو العملي الموجود في المقام.
__________________
(١) الوسائل ٢ : ٢٨٥ / أبواب الحيض ب ٦ ح ٢.
(٢) الوسائل ٢ : ٣٣١ / أبواب الحيض ب ٣٠ ح ٤.