العامّة من أنّ الحيض يمكن أن يكون أقلّ من ثلاثة أيّام بأنّه أمر مستحيل ذاتاً.
وأمّا الإمكان الوقوعي وعدم استتباع حيضيّة الدم المردّد بين الحيض وغيره محذوراً وأمراً ممتنعاً فهو أيضاً غير مراد من كلماتهم ، وذلك لأنّه لا سبيل لنا إلى إحراز أنّ كون الدم حيضاً في موارد الاشتباه يلزمه محذور أو لا يلزمه.
فالإمكان في كلماتهم إنّما يراد به الإمكان القياسي ، أي الدم الّذي يمكن أن يكون حيضاً بالقياس إلى أدلّة الشروط والأخبار لاستجماعه جميع الشروط ، وهو حيض. هذا تمام الكلام في المرحلة الاولى والمقتضي.
وأمّا المرحلة الثّانية أعني البحث عن أنّ للأخبار المتقدّمة مانعاً أو لا مانع عنها فملخص الكلام في ذلك أنّ الصفرة كما تقدّم وعرفت في غير أيّام العادة ليست بحيض ، كما أنّها في أيّام العادة حيض حسب الأخبار المتقدّمة في مواردها ، ومقتضى ما سردناه من الأخبار أنّ كلّ دم مردّد بين الحيض والاستحاضة عند استجماعه لشروط الحيض حيض.
فإذن لا بدّ من النّظر إلى أنّ كلّ دم أحمر أو أصفر محكوم بكونه حيضاً كما هو مقتضى ما سردناه من الرّوايات إلاّ الدم الأصفر في ذات العادة إذا رأته في غير أيّامها ، فخروج الصفرة عن الحيض يحتاج إلى دليل أو أنّ الحيض يشترط فيه الحمرة كما هو مقتضى أخبار الصفات ، فكلّ دم ليس بأحمر كما إذا كان أصفر فهو ليس بحيض إلاّ الدم الأصفر في ذات العادة إذا رأته في أيّام عادتها أو قبلها بيوم أو يومين (١) ، وعليه فكون الصفرة حيضاً هو المحتاج إلى إقامة الدليل عليه.
فالعمدة أن يتكلّم في أنّ الصفات كالحمرة والسواد هل هي كبقيّة الشروط المعتبرة في تحقّق الحيض ، بحيث لو لم يكن الدم أحمر فهو ليس بحيض إلاّ فيما إذا رأته المرأة في أيّام عادتها أو قبلها بيوم أو يومين ، لأنّ الصفرة فيها حيض بمقتضى النّصوص ، أو أنّ الحمرة ليست من شروط الحيض ، وهو قد يكون أصفر وقد يكون أحمر ، فكلّ دم كان مستجمعاً للشروط فهو حيض وإن كان أصفر ، وإنّما يستثني من ذلك الصفرة في
__________________
(١) الوسائل ٢ : ٢٧٨ / أبواب الحيض ب ٤.