النوبة إلى الترجيح بها مع وجود المرجح الأوّل وهو موافقة الكتاب ، والطائفة النافية لوجوب الاستظهار يمكن أن يقال إنّها موافقة للكتاب ، لأنّ الحكم على المستحاضة بالصّلاة بعد أيّام عادتها موافق للمطلقات الواردة في الكتاب ، لأنّها إنّما خصّصت بأيّام الحيض ، وأمّا في غيرها فمقتضى المطلقات وجوب الصّلاة عليها مثلاً ، والحكم بعدم وجوبها عليها حينئذ تقييد زائد في المطلقات ، فبذلك تتقدّم على الطائفة الآمرة بالاستظهار.
وأُخرى جمع بينهما بحمل أخبار الاستظهار على المرأة غير مستقيمة الحيض كما إذا زاد دمها تارة ونقص اخرى ، وأخبار عدم وجوبه على المستقيمة في عادتها مستشهداً على ذلك بروايتين :
إحداهما : موثقة عبد الرّحمن بن أبي عبد الله ، قال « سألت أبا عبد الله عليهالسلام عن المستحاضة أيطؤها زوجها وهل تطوف بالبيت؟ قال : تقعد قرأها الّذي كانت تحيض فيه ، فإن كان قرؤها مستقيماً فلتأخذ به ، وإن كان فيه خلاف فلتحتط بيوم أو يومين ولتغتسل » (١).
ثانيتهما : رواية مالك بن أعين ، قال « سألت أبا جعفر عليهالسلام عن المستحاضة كيف يغشاها زوجها؟ قال : ينظر الأيّام الّتي كانت تحيض فيها وحيضتها مستقيمة ، فلا يقربها في عدّة تلك الأيّام من ذلك الشهر ، ويغشاها فيما سوى ذلك من الأيّام ، ولا يغشاها حتّى يأمرها فتغتسل ثمّ يغشاها إن أراد » (٢).
وذكر أنّ الاستقامة في الحيض لمّا كانت قليلة أو نادرة تكاثرت الأخبار بالاستظهار للمرأة لأجله.
وهذا الجمع أيضاً لا يمكن المساعدة عليه ، لعدم ورود الرّوايتين اللتين استشهد بهما قدسسره على مدّعاه فيما هو محل الكلام ، لأنّ محل الكلام إنّما هو المرأة ذات
__________________
(١) الوسائل ٢ : ٣٧٥ / أبواب الاستحاضة ب ١ ح ٨.
(٢) الوسائل ٢ : ٣٢٠ / أبواب الحيض ب ٢٤ ح ١١ ، ٣٧٩ / أبواب الاستحاضة ب ٣ ح ١.