الحيض ليس به خفاء وأنّه دم حار عبيط أسود عموم من وجه ، لدلالة الأخبار المتقدّمة على أنّ المبتدئة ترجع إلى العدد كان الدم واجداً للصفات أم فاقداً لها ، كما أنّ أخبار الصفات تدلّ على أنّ الدم الفاقد للصفات ليس بحيض سواء كانت المرأة مبتدئة أم غيرها ، فتتعارضان في الدم الّذي تراه المبتدئة فاقداً لصفات الحيض ، لأنّ مقتضى روايات الصفات أنّه ليس بحيض ، ومقتضى الرّوايات المتقدّمة أنّها تجعلها حيضاً ثلاثة أيّام أو سبعة أيّام أو عشرة.
إلاّ أنّ أخبار الصفات تتقدّم على المرسلة والموثقة وأخواتها ، وذلك لا من جهة إبائها عن التخصيص ، إذ قد خصصناها بالصفرة المرئيّة في أيّام العادة ، لأنّها حيض وإن كانت فاقدة للصفات ، وبالدم المتجاوز عن العشرة ، لأنّه ليس بحيض ولو مع كونه واجداً للصفات ، بل من جهة ورودها لبيان حقيقة الحيض وواقعه وأنّه متقوّم بالصفات ، فمع دوران الأمر بين رفع اليد عن إطلاقها بتخصيصها بالمبتدئة وأنّها تتحيّض ثلاثة أيّام أو سبعة أو عشرة وإن لم يكن الدم واجداً للصفات وبين حمل المرسلة والموثقة وغيرهما على إرادة ما إذا كان الدم واجداً للصفات ، لا إشكال في تعيّن الثّاني حسب الفهم العرفي.
وذلك لأنّ أخبار الصفات قد وردت لبيان حقيقة الحيض ولها حكومة على المرسلة والموثقة من جهة أنّ موردها تحيّر المرأة وشكّها في الحيض لتجاوز الدم عن العشرة ، وهي تبيّن أنّ ما كان منه بصفات الحيض حيض ، وبما أنّ المرسلة والموثقة دلّت على التحيّض بالعدد فيستكشف بذلك أنّ الدم في تلك الأيّام كان واجداً للصفات ، هذا.
بل لا يبعد دعوى أنّ لفظة الدم ظاهرة في واجد الصفات كما ادعاها صاحب الجواهر (١) قدسسره في غير هذا المقام ، وذلك لأنّ الصفرة جعلت في بعض الرّوايات قسيماً للدم :
__________________
(١) الجواهر ٣ : ١٦٧ / في قاعدة الإمكان.