إحداهما : رواية زرارة ومحمّد بن مسلم عن أبي جعفر عليهالسلام قال « يجب للمستحاضة أن تنظر بعض نسائها فتقتدي بأقرائها ، ثمّ تستظهر على ذلك بيوم » (١) وقد ادّعي أنّ الرّواية هكذا « فتقتدي بأقرانها » بدلاً عن « أقرائها » ، وبها استدلّ على أنّ المستحاضة إذا لم تتمكّن من الرّجوع إلى أقاربها ترجع إلى أقرانها.
ويرد عليه أوّلاً : أنّها ضعيفة السند ، لعدم وثاقة طريق الشيخ إلى ابن فضال كما تقدّم (٢).
وثانياً : أنّ نسخة « أقرانها » لم تثبت صحّتها ، بل الصحيح هو « أقرائها » كما في الوسائل.
وثالثاً : أنّ النسخة لو كانت هي أقرانها فهي إنّما تدلّ على الرّجوع إلى أقران نسائها لا إلى مطلق الأقران كما ادّعي.
ورابعاً : مع الغض عن جميع ذلك أنّها لو دلّت فإنّما تدلّ على الرّجوع إلى الأقران في عرض الأقارب ، فمن أين يستفاد منها الترتيب وأنّ الرّجوع إلى الأقران إنّما هو بعد عدم التمكّن من الرّجوع إلى الأقارب ، فلا دلالة للرواية على المدعى.
وثانيتهما : موثقة سماعة قال « سألته عن جارية حاضت أوّل حيضها ، فدام دمها ثلاثة أشهر وهي لا تعرف أيّام أقرائها ، فقال : أقراؤها مثل أقراء نسائها ، فإن كانت نساؤها مختلفات فأكثر جلوسها عشرة أيّام وأقلّه ثلاثة أيّام » (٣) وادّعي أنّ قوله « أقراء نسائها » عام يشمل الأقران كما يشمل الأقارب.
ويرد عليه : أنّ هذه الدعوى لو تمّت فإنّما تثبت دلالة الموثقة على الرجوع إلى الأقران في عرض الأقارب ، وأمّا أنّ الرّجوع إلى الأقارب متقدّم على الأقران كما هو المدعى فلا يستفاد منها بوجه.
على أنّ الموثقة مشتملة على قرينة ظاهرة في أنّ المراد من نسائها هي الأقارب
__________________
(١) الوسائل ٢ : ٢٨٨ / أبواب الحيض ب ٨ ح ١.
(٢) تقدّم صحّة طريق الشيخ إلى ابن فضال في الصفحة ٧٠.
(٣) الوسائل ٢ : ٢٨٨ / أبواب الحيض ب ٨ ح ٢.