لا في تركها ، فيدلّ الأمر بالاحتياط بتركها على أنّها محرمة بالذات على الحائض.
ويدفعه : أنّا لو سلّمنا سند الرّواية المشتملة على الأمر بالاحتياط وظهورها في ذلك يتوجّه على الاستدلال بها ما قدّمناه من أنّ العبادة بناءً على حرمتها الذاتيّة على الحائض إذا تردّدت المرأة في طهرها وحيضها لا تتمكن من الاحتياط ، لدوران أمرها بين الوجوب والحرمة ، لأنّها إن كانت طاهرة في الواقع فالصلاة واجبة في حقّها وإن كانت حائضاً فهي محرمة عليها ، ومعه لا معنى للاحتياط بترك العبادة. إذن لا مناص من توجيه الأمر بالاحتياط على كلا القولين قلنا بالحرمة التشريعيّة أم قلنا بالحرمة الذاتيّة.
ودعوى : أنّ الأمر بالاحتياط بتركها من جهة احتمال أهميّة الحرمة ،
مندفعة : بأنّها أيضاً ممّا لا وجه له ، وذلك لأنّه مضافاً إلى أن الترجيح باحتمال الأهميّة يختص بالمتزاحمين ، أعني التكليفين الثابتين في أنفسهما مع اشتمالهما على الملاك ولا يمكن الترجيح به في المتعارضين كما في المقام ، للشكّ في أنّ الثابت هو الحرمة أو الوجوب ، فإنّ احتمال الأهميّة في أحدهما لا يترتب عليه أثر حينئذ ، لعدم العلم بثبوته وإن كان أهمّ على تقدير الثبوت ، إلاّ أنّ نسبة البراءة إلى كلّ من الاحتمالين على حدّ سواء لعدم العلم بثبوته ، فلا يترجح أحدهما على الآخر وإن كان أحدهما على تقدير ثبوته أهمّ من الآخر لا يكون الأخذ بأحد الاحتمالين من جهة احتمال الأهميّة احتياطاً بوجه.
على أنّا لا نحتمل أهميّة حرمة الصّلاة من وجوبها ، كيف والصّلاة عمود الدين وهي المائز بين الكفار والمسلمين ، وكيف يحتمل أهميّة تكليف لم يرد في الكتاب على الفريضة الواردة في الكتاب العزيز ، كما في قوله تعالى ( إِنَّ الصَّلاةَ كانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتاباً مَوْقُوتاً ) (١). فتحصل أنّ الأمر بالاحتياط بترك العبادة ممّا لا بدّ من توجيهه على كلا المسلكين.
وأمّا الرّواية المشتملة على الأمر بالاحتياط بترك العبادة فهي روايتان :
__________________
(١) النِّساء ٤ : ١٠٣.