على أنّ الاحتياط فيها أيضاً لم يذكر أنّه من جهة ترك العبادة ، لأنّ السابق على تلك الجملة أمران : أحدهما السؤال عن أنّ الزّوجة يطؤها أو لا يطؤها. وثانيتهما السؤال عن أنّها هل تطوف بالبيت أو لا تطوف.
فليحمل الاحتياط على ترك زوجها لوطئها وعلى عدم طوافها حتّى تتيقّن بطهارتها ، لأنّ الطواف واجب موسع ، فأين دلالتها على الاحتياط بترك العبادة ، بل قوله عليهالسلام في ذيلها « وكلّ شيء استحلّت به الصّلاة فليأتها زوجها ولتطف بالبيت » قرينة على ما ادّعيناه من أنّ الاحتياط هو ترك الوطء والطواف إلى أن تقطع بطهارتها وارتفاع حيضها ووجوب الصّلاة عليها.
وأمّا قوله قبل ذلك : « ولتغتسل ولتستدخل كرسفاً إلى قوله ثمّ تصلّي » فهو لا يدل على أنّ هذه الأُمور بعد الاحتياط بيوم أو يومين ، بل يلائم كونها في نفس ذلك اليوم أو اليومين ، فتغتسل فيها وتستدخل الكرسف ثمّ تصلّي ، فلا يستفاد منها أنّ الاحتياط أُريد منه ترك العبادة يوماً أو يومين.
على أنّه لو كان أُريد منه ذلك لا بدّ من توجيهه على كلا القولين كما عرفت.
ومنها : صحيحة خلف الواردة في اشتباه دم الحيض بدم العُذرة ، حيث ذكر للإمام عليهالسلام أنّه سأل عن حكم ذلك الفقهاء فأجابوا بأنّ المرأة تصلّي حينئذ ولا تترك صلاتها ، ثمّ إن كانت طاهرة في الواقع فقد أتت بفريضتها ، وإذا كانت حائضاً في الواقع فقد وقعت صلاتها لغواً ولا شيء عليها ، ولم يرض الإمام عليهالسلام بما أفتى به الفقهاء وقال « إنّ الله رضي لهم بالضّلال فارضوا لهم بما رضي الله به » ، ثمّ قال عليهالسلام إنّ المرأة يجب عليها أن تتقي الله بقوله « فلتتّق الله فإن كان من دم الحيض فلتمسك عن الصّلاة ... وإن كان من العُذرة فلتتّق الله ولتتوضّأ » (١).
فقد أمرها عليهالسلام بالتقوى والإمساك عن الصّلاة على تقدير كون الدم حيضاً ، كما أمرها بالتقوى والإتيان بالصلاة إن كان الدم دم عُذرة ، فإنّ الصّلاة إذا لم تكن محرمة على الحائض بالذات لم يكن وجه لمنعه عليهالسلام عن الإتيان
__________________
(١) الوسائل ٢ : ٢٧٢ / أبواب الحيض ب ٢ ح ١.