الحيضة الثّالثة تملك نفسها ، قلت : فلها أن تتزوّج في تلك الحال؟ قال : نعم ، ولكن لا تمكّن من نفسها حتّى تطهر من الدم » (١) ، حيث دلّت على أنّ العدة تنقضي بمجرّد رؤيتها الحيضة الثّالثة ولها أن تتزوّج وهي في تلك الحيضة ، إلاّ أنّها لا تمكّن زوجها من نفسها حتّى تطهر من الدم ، ودلالتها على حرمة تمكين الحائض زوجها من نفسها وإن كانت لا بأس بها ، إلاّ أنّ الرّواية رواها محمّد بن الحسين ، عن بعض أصحابنا عن محمّد بن مسلم ، والواسطة مجهولة ، وبذلك تندرج الرّواية في المراسيل ولا يمكن الاعتماد عليها في شيء.
نعم ، ذكر الرّاوي أنّه يظن أن تكون الواسطة هو محمّد بن عبد الله بن هلال أو علي ابن الحكم ، إلاّ أنّ ظنّ الرّاوي ذلك ممّا لا أثر له ولا يمكن الاعتماد عليه ، وعلى تقدير التسليم فمحمّد بن عبد الله بن هلال لم تثبت وثاقته في الرّجال ، ولكنه وقع في أسانيد كامل الزّيارات فلاحظ ، وكيف كان الرّواية غير قابلة للاعتماد عليها.
وثالثة : يستدلّ عليه بالإجماع الّذي ادّعاه في الغنية (٢) ، إلاّ أنّه لا يزيد على الإجماع المنقول بشيء ، والإجماعات المنقولة غير قابلة للاعتماد عليها.
والّذي يمكن الاستدلال به على ذلك أنّ المرتكز في أذهان المتشرّعة أنّ الوطء مبغوض في أيّام العادة مطلقاً ، ومبغوضيّة العمل بالنسبة إلى كلّ من الزّوج والزّوجة على حدّ سواء ، فكما يحرم ذلك على الزّوج كذلك يحرم على الزّوجة ، فلا يجوز لها أن تمكن الزّوج من نفسها.
ويمكن الاستئناس على مبغوضيّة العمل حينئذ بما ورد من أنّ مبغض أمير المؤمنين عليهالسلام إمّا أن يكون منافقاً أو ولد زنا أو ممّن حملته امّه في المحيض (٣) ، فإنّ ذلك يدلّ على أنّ حمل الأُم في أيّام العادة يترتّب عليه كون الولد مبغضاً لعليّ
__________________
(١) الوسائل ٢٢ : ٢١٠ / أبواب العدد ب ١٦ ح ١.
(٢) الغنية : ٣٩ / كتاب الطّهارة.
(٣) الوسائل ٢ : ٣١٨ و ٣١٩ / أبواب الحيض ب ٢٤ ح ٧ ، ٨ ، ٩.