الثّالث : أنّ الحيض ممّا لا يعلم إلاّ من قبلها ، وما لا يعلم إلاّ من قبل المرأة يسمع قولها فيه.
وفيه : أنّ الاستدلال بذلك مورد المناقشة صغرى وكبرى.
أمّا بحسب الكبرى فلعدم دلالة الدليل على أنّ كلّ ما لا يعلم إلاّ من قبل شخص يكون قوله حجّة فيه.
وأمّا بحسب الصغرى فلأنّ الحيض ممّا يمكن العلم به بسائر الطرق ، فإنّ النِّساء المعاشرات مع المرأة يعرفن حيضها ، فليس الحيض ممّا لا يعلم إلاّ من قبل الحائض.
فالصحيح أن يستدلّ على ذلك بالروايات ، أعني صحيحة زرارة : « العدّة والحيض إلى النِّساء » (١) ، ومعتبرة الكليني حيث وقع في سندها إبراهيم بن هاشم ، المرويّة إحداهما بسندين ، وهي أمّا صحيحة أو حسنة بمضمون الصحيحة الاولى مع زيادة « إذا ادّعت صُدّقت » (٢).
وقد دلّت هاتان الرّوايتان على أنّ أمر العدّة والحيض موكول إلى النِّساء ، فهن مصدقات فيهما ، وبهما يثبت حجيّة إخبارها عن حيضها.
بقي الكلام في أنّ اعتبار إخبارها عن حيضها مطلق أو أنّه يختص بغير ما إذا كانت المرأة متّهمة ، وأمّا إذا اتّهمت بأنّها تدّعي الحيض لرغبتها عن زوجها أو رغبتها فيما يمنع عنه المجامعة مع زوجها فلا يسمع منها إخبارها.
وتفصيل الكلام في هذا المقام : هو أنّا إن اعتمدنا في الحكم باعتبار قول المرأة وإخبارها عن حيضها على الإجماع المدّعى في المسألة فلا مناص من تقييد حجيّة إخبار المرأة بما إذا لم تكن متّهمة ، لأنّها القدر المتيقن من معقد الإجماع.
وأمّا إذا اعتمدنا على الرّوايات فلا وجه لتقييدها بما إذا لم تكن المرأة متّهمة ، فإنّ إطلاقها هو المحكّم. ودعوى أنّها منصرفة عن المتّهمة دعوى غير مسموعة ، كيف
__________________
(١) الوسائل ٢ : ٣٥٨ / أبواب الحيض ب ٤٧ ح ٢.
(٢) الوسائل ٢ : ٣٥٨ / أبواب الحيض ب ٤٧ ح ١ ، ٢٢ : ٢٢٢ / أبواب العدد ب ٢٤ ح ١.