آخر من الطبيعة ، وهذا يقتضي التعدّد في الجزاء ، ولم يترتب الحكم على الطبيعة مرّتين.
ودعوى : أنّ ظاهر القضيتين أنّ الطبيعة مقتضية للكفّارة مطلقاً سواء وجدت مرّة واحدة أو مرّتين ، فلا تجب الكفّارة مع التعدّد إلاّ مرّة واحدة.
مندفعة : بأنّ ذلك لو تمّ فإنّما يتمّ في الأفراد العرضيّة ، كما إذا ترتّب على هتك الفقير كفّارة وقد هتك عشرة من الفقراء مرّة واحدة ، فإنّ في مثله يمكن أن يقال إنّ الموضوع لوجوب الكفّارة هو طبيعة الهتك ، وقد وجد عشرة من أفرادها مرّة واحدة من غير سبق بعضها ببعض ، فلا تجب الكفّارة إلاّ مرّة واحدة.
وأمّا بالإضافة إلى الأفراد الطولية ولا سيما مع تخلّل العدم بينهما ، كما إذا وطئ الحائض في أوّل حيضها مرّة ثمّ بعد مضي مقدار من الزّمان وطئها مرّة ثانية وهكذا فإنّ المستفاد العرفي من القضيّة الشرطيّة المتكفلة لوجوب الكفّارة بالوطء أنّ الفرد الأوّل من الطبيعة له حكم وللفرد الآخر منها حكم آخر ، وكأنّه قال كلّما صدر منك وطء الحائض فكفر. ومعه لا بدّ من الالتزام بالتعدّد في الجزاء كما ذكرناه.
نعم لا نلتزم بالتعدّد في كفّارة الإفطار في نهار شهر رمضان حتّى مع التكفير ، كما إذا أكل في نهار شهر رمضان متعمداً فكفر ثمّ جامع ثمّ ارتمس وهكذا ، فالواجب حينئذ ليس إلاّ كفّارة واحدة وذلك لعدم ترتبها على الأكل أو الجماع أو الارتماس حتّى تتعدّد بتعدّدها ، وإنّما ترتّبت الكفّارة على الإفطار وهو يتحقّق بأوّل فرد من المفطرات. ولا صوم بعده ليتحقّق الإفطار ثانياً وثالثاً ، وبما أنّ الإفطار تحقّق مرّة فلا يترتّب عليه الكفّارة إلاّ مرّة واحدة إلاّ في خصوص الجماع ، لما ورد في النص (١) من تكرّر الكفّارة بتكرّر الجماع في الصّيام ، وقد ألحقنا به الاستمناء لما دلّ على أنّ حكمه حكم الجماع (٢).
__________________
(١) الوسائل ١٠ : ٥٥ / أبواب ما يمسك عنه الصّائم ب ١١.
(٢) الوسائل ١٠ : ٣٩ / أبواب ما يمسك عنه الصّائم ب ٤.