ومنها : ما ورد في بعض الرّوايات (١) من أنّ الله سبحانه حبس الحيض على المرأة وجعله رزقاً للولد في بطن امّه ، فتدلّ على أنّ دم النّفاس هو دم الحيض والنّفساء كالحائض.
وفيه : أنّ الرّواية على تقدير تسليم سندها أجنبيّة عن الدلالة على المدّعى ، لأنّها إنّما تدلّ على أنّ الحامل يمكن أن تحيض كما استدلّ بها عليه. وأمّا أنّ دم النّفاس هو دم الحيض والنّفساء كالحائض فلا يستفاد من الرّواية بوجه.
كيف وإنّ للنفاس أحكاماً وللحيض أحكاماً أُخر ، مثلاً إن أقلّ الحيض ثلاثة أيّام ، وأمّا أقلّ النّفاس فلا حدّ له ويمكن كونه لحظة ، وبما أنّ النّفاس لا يطلق عليه الحيض عرفاً فلا يمكن أن تترتّب عليه أحكام الحيض.
ومنها : أنّ دم الولادة حيض محتبس ، فيدلّنا هذا بصراحة على أنّ دم النّفاس والحيض على حد سواء ، فإنّ النّفاس هو الحيض المحتبس ، فالأحكام المترتبة على أحدهما مترتبة على الآخر.
وفيه : أنّه لم يثبت أنّ دم النّفاس هو الحيض المحتبس وإن نسب ذلك إلى الرّواية إلاّ أنّه لم يرد ذلك في شيء من الأدلّة المعتبرة.
على أنّه لو ثبت ذلك وقلنا إنّ دم الولادة هو الحيض المحتبس لا يثبت أنّ أحكام النّفاس هي أحكام الحيض بعينها ، لأنّ الأحكام المرتّبة على الحيض الّتي منها وجوب الكفارة إنّما ترتبت على الحيض غير المحتبس ، وأمّا الحيض المحتبس فلم يدلّنا على أنّه كالحيض غير المحتبس.
__________________
(١) الوسائل ٢ : ٣٣٣ / أبواب الحيض ب ٣٠ ح ١٣ ، وبمعناه الحديث ١٤ وهو صحيح.