وأنّها ماذا تقتضي؟ وأُخرى من جهة الأخبار الواردة في المقام.
الجهة الأُولى : فقد يفرض المكلّف متوضئاً قبل طروء أسباب الغسل عليه ، كما إذا توضأت ثمّ استحيضت أو نفست أو مسّ الميت أو غير ذلك من الأسباب المقتضية للاغتسال بحيث كان باقياً على وضوئه إلى زمان طروء الأسباب عليه. نعم هذه الصورة بعيدة في حقّ الحائض لأنّ أقلّه ثلاثة أيّام ، ويبعد بل لا يتحقّق بقاء الوضوء من قبل ثلاثة أيّام إلى آخرها حتّى تغتسل. وهذا بخلاف بقيّة الأغسال ، إذ يمكن بقاء المكلّف على وضوئه قبل النّفاس إلى آخره حتّى تغتسل ، لأنّ النّفاس قد يتحقّق بلحظة أو ساعة ، وكذلك الاستحاضة أو مسّ الميت ، فإنّ الوضوء في هذه الموارد يمكن بقاؤه في نفسه إلى زمان الاغتسال بخلاف الحيض ، إذ لطول مدّته لا يمكن معه فرض المكلّفة باقية على وضوئها إلى زمان الاغتسال منه.
وفي هذه الصّورة مقتضى القاعدة الأوّلية عدم وجوب الوضوء مع الغسل ، وهذا لا لأنّ الغسل يغني عن الوضوء ، بل لأنّ المقتضي لوجوب الوضوء قاصر في نفسه حيث إنّ المكلّف على ما هو مفروض الكلام كان متطهراً قبل أن يمسّ الميت أو تستحاض أو تنفس ولم يعلم انتقاضه بطروء هذه الأسباب في حقّه ، لأنّ نواقض الوضوء محصورة فيما يخرج عن طرفيك اللّذين أنعم الله بهما عليك أو في ثلاثة أُمور على ما في بعض الأخبار الأُخر (١) ، وليس منها هذه الأسباب المقتضية للاغتسال ، نعم الجنابة ناقضة للوضوء ولا وضوء مع غسلها كما سبق ، إلاّ أنّ كلامنا في غير غسل الجنابة كما هو المفروض ، فمقتضى القاعدة في هذه الصّورة هو عدم وجوب الوضوء مع غير غسل الجنابة من الأغسال.
وقد يفرض المكلّف غير متوضئ حال مسّه الميت أو استحاضتها أو غيرها من الأسباب ، ومقتضى القاعدة حينئذ هو وجوب الوضوء مع تلك الأغسال ، لأنّه غير متوضئ على الفرض ، وإجزاء الأغسال عنه يتوقّف على دلالة الدليل عليه كما دلّ في
__________________
(١) الوسائل ١ : ٢٤٨ / أبواب نواقض الوضوء ب ٢.