وأمّا الرّواية الثّانية فلعدم العلم بالراوي المنقول عنه وأنّه هل هو حماد بن عثمان أم غيره؟ فالرواية بحكم المرسلة لعدم علمنا بغيره وأنّه ثقة أو ليس بثقة.
ودعوى أنّ الرّواية مسندة إلى حماد بن عثمان في كلام العلاّمة (١) والشهيد (٢) قدسسرهما ، حيث رويا هذه الرّواية عنه وأسندوها إلى حماد من دون تردّد في الإسناد ، وحماد بن عثمان ممّن لا إشكال في قبول روايته.
مندفعة بأنّه من البعيد غايته أن يروي العلاّمة والشهيد قدسسرهما هذه الرّواية عن نفس كتاب حماد من دون التنبيه عليه ، فإنّ الظّاهر أنّهما روياها عن الشيخ (٣) ، وغاية ما يمكن أن يصحّح روايتهما حينئذ أن يقال : إنّهما أسقطا « أو غيره » للتسامح ، فإنّ حماداً نسبت إليه هذه الرّواية غاية الأمر لا عن جزم ، أو يقال : إنّ النّسخة الموجودة عندهما من التّهذيب لم يكن فيها لفظة « أو غيره » ، فتدخل الرّواية في اختلاف النسخ ولا يعتمد عليها حينئذ ، لعدم العلم بمن هو الرّاوي عن الإمام عليهالسلام.
وأمّا الرّواية الثّالثة فلأنّ في سندها سليمان بن الحسن (٤) ، وهو مجهول لم يوثق في الرّجال.
وأمّا بحسب الدلالة فلأنّ الرواية الثّالثة إنّما وردت في غسل الجمعة ، وهو من المستحبّات ولا يجري فيها قانون الإطلاق والتقييد ، بل يحمل المقيّد منها على أفضل الأفراد ، فيكون غسل الجمعة الّذي قبله أو بعده وضوء من أفضل أفراد غسل الجمعة ، لا أنّ الغسل يعتبر أن يكون مع الوضوء ، فلا دلالة لها على أنّ الغسل لا يغني عن الوضوء.
__________________
(١) منتهى المطلب ٢ : ٢٣٩ / في أحكام الجنب.
(٢) الذكرى : ٢٦ السطر ٣٥ / في الغسل.
(٣) التهذيب ١ : ١٤٣ / الرقم [٤٠٣] في حكم الجنابة.
(٤) في التهذيب : الحسين بدل الحسن ، وهو الصّحيح فإنّ سليمان بن الحسين كاتب لعلي بن يقطين كما ورد في رواية أُخرى ، وهو موجود في تفسير القمّي.