وأمّا الرّوايتان الأُوليان فلأنّ الأخبار الواردة في إغناء غسل الجنابة عن الوضوء اشتمل بعضها (١) على أنّ الوضوء على غسل الجنابة بدعة محرمة ، ومعه يكون استثناء غسل الجنابة قرينة على أنّ المراد من صدرهما أنّ الوضوء مشروع في غير غسل الجنابة من الأغسال ، فلا دلالة لهما على أنّ بقيّة الأغسال لا تغني عن الوضوء ومن تلك الرّوايات ما عن الفقه الرّضوي (٢) إلاّ أنّه ممّا لا يمكن الاعتماد عليه.
الطائفة الثّانية من الأخبار
الطائفة الثّانية : وهي الّتي تدلّ على أنّ الغسل يغني عن الوضوء ، وهي جملة من الأخبار فيها روايات معتبرة وقابلة للاعتماد عليها.
منها : صحيحة محمّد بن مسلم عن أبي جعفر عليهالسلام « قال : الغسل يجزئ عن الوضوء ، وأيّ وضوء أطهر من الغسل » (٣) ، وقد دلّت على أنّ طبيعة الغسل تغني عن الوضوء ، وقد حملها بعض الفقهاء ( قدس الله أسرارهم ) على غسل الجنابة ، إلاّ أنّه مضافاً إلى كونه تقييداً بلا مقتض ، لإطلاق الرّواية لا يلائم التعليل الّذي ظاهره أنّ مطلق الغسل أطهر من الوضوء لا خصوص غسل الجنابة ، وإلاّ لبينه عليهالسلام ، وإرادة خصوص غسل الجنابة منه خارجاً يستلزم تخصيص الأكثر ، وهو مستهجن.
ومنها : ما عن محمّد بن عبد الرّحمن الهمداني « كتب إلى أبي الحسن الثّالث يسأله عن الوضوء للصلاة في غسل الجمعة ، فكتب عليهالسلام : لا وضوء للصلاة في غسل يوم الجمعة ولا غيره » (٤).
ومنها : ما عن عمّار الساباطي قال « سئل أبو عبد الله عليهالسلام عن الرّجل إذا
__________________
(١) الوسائل ٢ : ٢٤٥ / أبواب الجنابة ب ٣٣.
(٢) المستدرك ١ : ٤٧٦ / أبواب الجنابة ب ٢٦ ح ١.
(٣) الوسائل ٢ : ٢٤٤ / أبواب الجنابة ب ٣٣ ح ١.
(٤) الوسائل ٢ : ٢٤٤ / أبواب الجنابة ب ٣٣ ح ٢.