ومع التعدّد لا بدّ من الالتزام بالتقييد فيما إذا قلنا بوجوب الوضوء مع كلّ غسل سوى الجنابة ، فيتحصّل أنّ الوضوء لا بدّ من وقوعه قبل كلّ غسل ولا يجوز بعده أو في أثنائه.
وأمّا إذا قلنا بجوازه ومشروعيّته فلا يمكننا التقييد ، لأنّ المستحبّات لم يلتزموا فيها بقانون الإطلاق والتقييد بل أخذوا بكليهما ، فإنّه إذا ورد الأمر بزيارة الحسين عليهالسلام في كلّ يوم وورد الأمر بزيارته في خصوص يوم عاشوراء لا يمكننا تقييد الحكم باستحباب زيارة الحسين عليهالسلام بيوم عاشوراء فقط ، بل نلتزم بأنّ زيارته مستحبّة في كلّ يوم كما أنّها مستحبّة في يوم عاشوراء ، وعليه ففي المقام لا بدّ من الالتزام بجواز الوضوء واستحبابه قبل كلّ غسل وبجوازه مطلقاً سواء كان بعده أم قبله ، هذا.
ولكن الصحيح أنّ الوضوء لا بدّ أن يقع قبل كلّ غسل سواء قلنا باستحبابه أم بوجوبه ، وذلك لما ورد من أنّ الوضوء بعد الغسل بدعة (١) ، فلا مناص من الالتزام بعدم جوازه بعد الغسل.
ودعوى : أنّ المراد بالغسل في تلك الرّوايات هو غسل الجنابة لا مطلق الأغسال ، مندفعة : بأن غسل الجنابة لا يجوز الوضوء قبله ولا بعده بمقتضى غير واحد من الأخبار ، ومعه لو حملنا ما دلّ على أنّ الوضوء بعد الغسل بدعة على خصوص الجنابة لزم اللغويّة في كلام الإمام عليهالسلام ، لأنّ التقييد بالبعديّة لغو ، إذ لا أثر للبعديّة على الفرض.
ثمّ إنّا لو قلنا بلزوم وقوع الوضوء قبل الغسل بالمرسلتين السابقتين فلا يجوز الوضوء لا بعد الغسل ولا في الأثناء لأنّهما خلاف القبليّة ، وهذا بخلاف ما إذا قلنا بلزوم التقديم من باب ما دلّ على عدم مشروعيّة الوضوء بعد الغسل ، لأنّ الإتيان بالوضوء حينئذ قبل الغسل أو في أثنائه جائز ، لعدم صدق البعديّة عليهما.
__________________
(١) الوسائل ٢ : ٢٤٥ / أبواب الجنابة ب ٣٣.