وأمّا إذا قلنا بعدم إغناء الغسل عن الوضوء من جهة أنّ الوضوء شرط لصحّة الغسل فلا يتمّ ما أفاده قدسسره بوجه ، لأنّ الحائض على ذلك لو اغتسلت وتركت التوضؤ قبله وبعده وفي أثنائه لم يحل لها ما حرم عليها بسبب الحيض ، لبطلان غسلها فإنّه مشروط بالوضوء ، ومع عدم الشرط يبطل المشروط.
وهذا القول هو الصحيح بناءً على عدم إغناء الغسل عن الوضوء ، والوجه في ذلك أنّ الأخبار دلّت على أنّ في كلّ غسل وضوءً إلاّ الجنابة أو أنّ قبل كلّ غسل وضوء إلاّ ... (١) ، ومحتملات هذه العبارة ثلاثة :
محتملات الرّواية
الأوّل : أن يقال إنّ في كلّ غسل يجب الوضوء وجوباً تعبديّاً شرعيّاً من دون أن يرتبط بالغسل ، بحيث لو اغتسلت الحائض ولم تتوضأ صحّ غسلها وإن ارتكبت معصية بتركها الوضوء الواجب في حقّها ، نظير ما إذا وجب عليها الوضوء مع الغسل بالنذر وشبهه ، لأنّها حينئذ لو تركت الوضوء واغتسلت صحّ غسلها وإن عصت بترك الوضوء الواجب في حقّها ، فعلى هذا لو اغتسلت الحائض جاز لها كلّ محرم بسبب الحيض وإن لم تتوضأ.
إلاّ أنّ هذا المحتمل خلاف ظاهر الرّواية ، لأنّ الأوامر الواردة في الأجزاء والشرائط والمركّبات ظاهرة في الإرشاد إلى الشرطيّة والجزئيّة ، ولا ظهور لها في الوجوب النفسي بوجه ، ومقامنا هذا من هذا القبيل كما إذا قيل إنّ في كلّ صلاة وضوءً ، فإن ظاهره الإرشاد إلى شرطيّة الوضوء للصلاة.
الثّاني : أن يقال إنّ ظاهر الرّواية هو الشرطيّة ، بمعنى أنّ شرط صحّة الوضوء في حقّ المحدث بالحدث الأكبر هو الغسل ، فمن مسّ الميت أو حاضت وتوضّأت من دون أن تغتسل بطل وضوءها وإن صحّ غسلها ، وعلى ذلك إذا اغتسلت الحائض جاز لها كلّ ما حرم عليها بسبب حيضها وإن لم تتوضّأ.
__________________
(١) الوسائل ٢ : ٢٤٨ / أبواب الجنابة ب ٣٥.