وإذا لم يكن عندها ماء أصلاً لا بمقدار غسلها ولا بقدر وضوئها وجب عليها أن تتيمّم مرّتين ، أحدهما بدلاً عن غسلها وثانيهما بدلاً عن وضوئها.
وهذا لا يفرق فيه بين القول بإغناء الغسل عن الوضوء وعدمه ، أمّا على الثّاني فواضح ، وأمّا على الأوّل فلأنّ الأدلّة الآمرة بالوضوء للمحدث بالحدث الأصغر مطلقة تشمل ما إذا اغتسل المكلّف وما إذا لم يجب عليه غسل كقوله تعالى ( ... إِذا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ ... ) (١) ، وإنّما رفعنا اليد عن إطلاقها بما دلّ على أنّ الغسل يغني عن الوضوء ، وهذا مختصّ بنفس الغسل ، والتيمّم البدل عنه يحتاج إغناؤه عن الوضوء إلى دليل ولا دليل عليه ، بل مقتضى الإطلاقات في أدلّة الوضوء عدم كون التيمم البدل عن الغسل مغنياً عن الوضوء ، وبما أنّها غير متمكّنة من الوضوء فيجب عليها التيمّم بدلاً عن الوضوء أيضاً ، فوجوب التيمّم عليها مرّتين لا يفرق فيه بين القول بإغناء الغسل عن الوضوء وعدمه.
وثالثة : تتمكّن من الاغتسال دون الوضوء ، كما لو كان مالك الماء لا يرضى باستعمال الماء إلاّ في الاغتسال ، ولا كلام حينئذ في أنّه يجب عليها أن تغتسل وتتيمّم بدلاً عن الوضوء.
ورابعة : ينعكس الأمر ، فلا تتمكّن المرأة من الغسل وتتمكّن من الوضوء ، لعدم إذن المالك للماء في الاغتسال أو لقلّة الماء وعدم وفائه بالاغتسال ، فهل يجب على الحائض حينئذ أن تتوضّأ وتتيمّم بدلاً عن الغسل أو أنّها تتيمّم تيمّمين أحدهما بدلاً عن الغسل وثانيهما بدلاً عن الوضوء ويبطل حكم الماء؟ ذهب الشيخ الكبير إلى الثّاني (٢) وهو من الغرائب.
بل للمسألة صور خمسة :
الصورة الأُولى : ما إذا تمكّنت الحائض من التوضّؤ والاغتسال ، وهذه الصّورة
__________________
(١) المائدة ٥ : ٦.
(٢) كشف الغطاء : ١٣٥ السطر ٥ / في الأحكام المشتركة بين الدماء الثلاثة.