وجبت الصلاتان إلاّ أنّ هذه قبل هذه (١) ، وعلى مسلك العدلية لا بدّ من الحكم في الرّواية بوجوب قضاء كلتا الصلاتين الظهر والعصر ، وتخصيصها القضاء بالظهر يدلّ على أنّ مقدار أربعة أقدام من الزّوال وقت صلاة الظهر فقط ، وهذا لا نقول به وإنّما تلتزم به العامّة ، ولعل الرّواية صدرت تقيّة من هذه الجهة ، فلا مناص من رد علم الرّواية إلى أهله.
إذن لمّا لم يثبت أنّ وجوب القضاء يدور مدار التمكّن من الصّلاة الاختياريّة بمقدّماتها فإطلاق صحيحة عبد الرّحمن بن الحجاج هو المحكّم ، قال « سألته عن المرأة تطمث بعد ما تزول الشّمس ولم تصلّ الظهر ، هل عليها قضاء تلك الصّلاة؟ قال : نعم » (٢) ، فإنّها تدلّ على أنّ القضاء يدور مدار ترك الوظيفة من الصّلاة الاختياريّة أو الاضطراريّة ، فالقضاء واجب فيما إذا زالت الشّمس ومضى زمان تتمكّن فيه المرأة من أقلّ الواجب وهو الصّلاة الاضطراريّة أعني الصّلاة والطّهارة ، فلو تركتها وجب عليها قضاؤها ، وأمّا غير الطّهارة من الشرائط والأجزاء فهي شرائط وقيود اختياريّة ينتقل إلى بدلها مع العجز عنها ، وهذا بخلاف الطّهارة لأنّها عمود الصّلاة ولا صلاة إلاّ بطهور. نعم لا فرق في الطّهارة بين المائيّة والترابيّة كما تقدّم.
لا يقال : إنّ لازم ذلك أنّ المرأة إذا حاضت بعد الزّوال بمقدار تتمكّن فيه من الصّلاة دون الطّهارة لا تجب الصّلاة عليها لعدم تمكّنها من الصّلاة والطهور معاً ، مع إمكان أن يقال إنّ في وجوب الأداء يكفي التمكّن من أداء نفس الصّلاة ، والطّهارة لا بدّ من إتيانها قبل الوقت حتّى تتمكّن من الصّلاة عن طهور بعد الوقت.
فإنّه يقال : لا يجب على المرأة تحصيل الطّهارة قبل الوقت ، لأنّ الأدلّة دلّت على أنّ الشّمس إذا زالت فقد وجب الطهور والصلاتان ، وأمّا قبل الزّوال فلا ، لعدم وجوبها وبعد الزّوال لا يجب لعدم التمكّن منها على الفرض.
__________________
(١) الوسائل ٤ : ١٢٥ / أبواب المواقيت ب ٤ وغيره.
(٢) الوسائل ٢ : ٣٦٠ / أبواب الحيض ب ٤٨ ح ٥.