الابتداء ، ومعه لا ينعقد للكلام ظهور في العموم من الابتداء ، فهل يجوز الرجوع إلى البراءة عن التكليف المحتمل أو لا يجوز؟
الظاهر عدم جواز الرجوع إلى البراءة مطلقاً ، سواء أُحرز الملاك الملزم كما إذا شكّ في وجوب إنقاذ الغريق للشكّ في قدرته عليه ، لأنّه لا يعرف السباحة ويحتمل أن يكون البحر عميقاً لا يتمكّن من الدّخول فيه للإنقاذ ، ولكن الملاك الملزم في إنقاذ الغريق محرز معلوم أم لم يكن الملاك محرزاً كما في المقام ، وذلك لأجل الشكّ في التكليف ، فإن مع عدم سعة الوقت لا تكليف بالصلاة ولا أنّها ذات ملاك ، ومن ثمة لا يجب قضاؤها على المكلّف.
والوجه في عدم جواز الرجوع إلى البراءة مع إحراز الملاك ظاهر ، لأنّه تفويت للملاك الملزم ، وتفويت الغرض والملاك كمخالفة التكليف بنظر العقل في العصيان ومع الشكّ في القدرة على العمل في تلك الموارد لا بدّ من الفحص والإقدام في العمل ليرى أنّه متمكّن منه أو ليس بمتمكّن ، ولا يجوز الرّجوع إلى البراءة بوجه.
والوجه في عدم جواز الرّجوع إلى البراءة مع عدم إحراز الملاك هو أنّ المورد حينئذ وإن كان من موارد البراءة لأجل الشكّ في أصل توجّه التكليف عليه لأجل الشكّ في القدرة إلاّ أنّ للمقام خصوصيّة تمنع عن الرّجوع إلى البراءة مع الشكّ في القدرة ، وتلك خصوصيّة هي أهميّة الصلاة وكونها الفاصل بين الإسلام والكفر وكونها عماد الدّين وممّا نعلم بعدم رضى الشارع بتفويتها على تقدير سعة الوقت.
ومع العلم بالأهميّة لا يمكن الرّجوع إلى البراءة ، بل لا بدّ في موارد الشكّ في القدرة من الفحص والإقدام على العمل ، فإن تمّ العمل قبل انقضاء الوقت فهو ، وإلاّ فينكشف عدم كونها مكلّفة بالصلاة.
وقد ذكرنا في محله عدم جواز إجراء البراءة في كلّ مورد علم بعدم رضى الشارع بالمخالفة على تقدير كون العمل مبغوضاً شرعاً ، فإذا رأى شبحاً وشكّ في أنّه إنسان أو بقر ليس له إجراء البراءة عن حرمة قتله ، بل لا بدّ من الفحص لعدم رضى الشارع بقتله على تقدير إنسانيّته.