قد يفرض الشكّ في سعة الوقت للإتيان بالمأمور به مع العلم بأنّ العمل يستلزم كذا مقداراً من الزّمان ، كما إذا علمت أنّ كلّ ركعة من الصلاة يشغل دقيقة واحدة فصلاة الظهر والعصر تشغل ثماني دقائق ، ولكنّها لا تدري أنّ الباقي من الوقت يسع لثماني دقائق أو لا ، وفي هذه الصورة يمكن التمسّك بالاستصحاب ، بأن يقال إنّ الشّمس لم تغرب في زمن الشروع في الصّلاة ونشك في أنّها تغرب قبل انقضاء الصلاتين أو لا تغرب ، فنستصحب أنّها لا تغرب قبل انقضائها.
وقد يفرض العلم بالمقدار الباقي من الوقت كخمس دقائق ، ولكن يشكّ في أنّ الإتيان بالمأمور به هل يتحقّق في تلك المدّة أو يستلزم زماناً زائداً على ذلك المقدار ولا مجرى للاستصحاب حينئذ ، فهل يمكن الرّجوع إلى البراءة لأجل الشكّ في توجّه التكليف إليها بالأداء ، لاحتمال عدم سعة الوقت للصلاة ومعه لا يجب عليها الأداء فضلاً عن القضاء كما تحتمل سعته لها ، فهو من الشكّ في أصل التكليف فيدفع بالبراءة أو لا يمكن؟
إن قلنا بجواز التمسّك بالعموم في الشبهات المصداقيّة فيما إذا كان المخصّص عقليّاً كما ذهب إليه بعضهم فاللاّزم في المقام هو الحكم بوجوب المبادرة إلى الصّلاة ، ولا يجري فيه التمسّك بالاستصحاب ولا البراءة في كلتا الصورتين ، إذ لا مجال للأصل العملي مع الدليل الاجتهادي.
والأمر في المقام كذلك ، لأنّ مقتضى العمومات (١) الدالّة على وجوب خمس فرائض على المكلّفين في كلّ يوم وجوب الصّلاة على المرأة في مفروض الكلام ، واشتراط التكاليف بالقدرة وعدم التكليف مع عدم القدرة حكم عقلي ، والمفروض جواز التمسّك بالعموم في الشبهات المصداقيّة فيما إذا كان المخصّص عقليّاً.
وأمّا بناءً على ما هو الصحيح من عدم جواز التمسّك بالعموم في الشبهات المصداقيّة مطلقاً ، سواء كان المخصّص لبيّاً أم لفظيّاً ولا سيما إذا كان المخصّص العقلي يعدّ قرينة متّصلة بالكلام كما في المقام ، لأنّ اشتراط التكاليف بالقدرة شرط ارتكازي للبشر من
__________________
(١) الوسائل ٤ : ١٠ / أبواب أعداد الفرائض ب ٢ وغيرها.