للزيارة أو الغسل لرؤية المصلوب أو الغسل لمسّ الميت بعد تغسيله أو غسل الجنابة فإنّ الطبيعة فيها واحدة ، والقاعدة في هذه الموارد هي عدم التداخل ، لعدم إمكان البعث نحو الشيء الواحد ببعثين إلاّ أن يقيّد متعلّق كلّ منهما بفرد غير الفرد المقيّد به متعلّق الآخر ، هذا كلّه فيما تقتضيه القاعدة في نفسها.
وممّا ذكرنا في المقام ظهر الحال في الغسل الواجب والمستحب ، كما في غسل الجنابة أو مسّ الميت مع غسل الزّيارة أو غيره من المستحبات ، فإنّ القاعدة تقتضي فيه التداخل ، لأنّ الأمر في الغسل الواجب إرشاد إلى شرطيّته للصلاة ، ولا مانع من اجتماع مثله مع الطلب الاستحبابي المولوي ، فلو أتى بغسل واحد كفى عنهما.
وأمّا الجهة الثّانية فالروايات الواردة في المقام إنّما وردت في موارد خاصّة (١) ، ولا يمكننا التعدِّي عنها إلى غيرها ، والرّواية الدالّة على كفاية الاغتسال مرّة واحدة لعدّة أغسال رواية واحدة ، وهي رواية زرارة وقد نقلت بعدّة طرق :
منها : ما رواه الكليني بسند صحيح عن حريز عن زرارة ، قال « إذا اغتسلت بعد طلوع الفجر أجزأك غسلك ذلك للجنابة والحجامة وعرفة والنحر والحلق والذبح والزّيارة ، فإذا اجتمعت عليك حقوق أجزأها عنك غسل واحد » الحديث (٢) ، وهي أجمع رواية في المقام ، وهذه الرّواية لو كنّا نحن وصدرها لم يكن لها أيّ ظهور في الإضمار ، لاحتمال أن تكون كلّها قول زرارة نفسه ، لكن جملة « قال ثمّ قال » الواقعة في ذيلها ظاهرة في أنّ زرارة يرويها عن شخص آخر ، وبما أنّ المضمر هو زرارة فلا بدّ وأن يكون ذلك الشخص هو الإمام عليهالسلام ، كما صرّح به في سائر الرّوايات.
ومنها : ما رواه الشيخ عن محمّد بن علي بن محبوب عن علي بن السندي عن حماد عن حريز عن زرارة عن أحدهما عليهماالسلام (٣) ، وهي مشتملة على عين الرّواية المتقدِّمة بتبديل الحجامة بالجمعة ، ولعله الصّحيح إذ لم يعهد غسل للحجامة وإن
__________________
(١) الوسائل ٢ : ٢٦١ / أبواب الجنابة ب ٤٣.
(٢) الوسائل ٢ : ٢٦١ / أبواب الجنابة ب ٤٣ ح ١.
(٣) التهذيب ١ : ١٠٧ / ٢٧٩.