والرّواية مرويّة بطريقين أحدهما صحيح بلا كلام ، وهو رواية الكليني عن محمّد ابن إسماعيل عن الفضل ، والثّاني أيضاً صحيح على الأظهر ، وهو روايته عن علي بن إبراهيم عن أبيه ، فالفضل وإبراهيم كلاهما يرويان عن حماد بن عيسى ، ومع ما ذكرناه لا موجب للقول بأنّ الرّواية حسنة باعتبار أنّ علي بن إبراهيم يروي عن أبيه فلاحظ.
ومنها : ما عن معاوية بن عمّار عن أبي عبد الله عليهالسلام « قال : تتوضّأ المرأة الحائض إذا أرادت أن تأكل ، وإذا كان وقت الصّلاة توضأت ... » (١) وقد عرفت أنّ الجملة الفعليّة ظاهرة في الوجوب.
هذه الرّوايات الثلاث هي العمدة في المقام ، ولكنّها لا يمكن الاستدلال بها على وجوب الوضوء ، للقرينة الداخليّة والخارجيّة.
أمّا القرينة الداخليّة فهي اشتمال الأخبار المتقدّمة على أنّ الحائض يجب عليها أن تتوضأ في أوّل وقت الصّلاة وتقعد في موضع طاهر ، وهذا نقطع بخلافه لعدم احتمال أن تكون وظيفة الحائض أشد من وظيفة الطاهرة فإنّ الطّاهرة لا يجب عليها أن تتوضّأ في أوّل وقت الصّلاة ، ولا يجب عليها أن تصلّي في موضع طاهر ، بل الصلاة لا يعتبر فيها طهارة الموضع ، لصحّة الصّلاة في الموضع النجس غير المسري ، ومعه كيف يكون ذلك واجباً في حقّ الحائض ، وهذه قرينة على كونها أُموراً مستحبّة لها.
ويؤيّده قوله « تتوضأ إذا أرادت أن تأكل ، وإذا كان وقت الصّلاة توضأت » وذلك لعدم احتمال وجوب الوضوء للأكل.
وأمّا القرينة الخارجيّة فهي ليست عبارة عن إعراض المشهور عن الأخبار المذكورة كما في كلمات الأكثرين ، بل هي ما ذكرناه في جملة من الموارد من أنّ الأُمور الّتي يكثر الابتلاء بها لو كانت واجبة في زمانهم عليهمالسلام لانتشرت وذاعت وظهرت ، والحيض تبتلي بها النِّساء في كلّ شهر مرّة ، فلو كانت هذه الأُمور كالوضوء
__________________
(١) الوسائل ٢ : ٣٤٦ / أبواب الحيض ب ٤٠ ح ٥.