لإطلاق صحيحة زرارة « إذا اجتمعت عليك حقوق أجزأها عنك غسل واحد » (١) والغسل الواحد مطلق يعمّ الواجب والمستحب ، كما أنّ الحقوق تعمّ الواجب والمستحب كما قدّمناه ، وعليه فلو اغتسل للجمعة غافلاً عن أنّ عليه جنابة يكفي ذلك في رفع جنابته.
ويؤيده رواية الصّدوق من « أن من جامع في أوّل شهر رمضان ثمّ نسي الغسل حتّى خرج شهر رمضان ، أنّ عليه أن يغتسل ويقضي صلاته وصومه ، إلاّ أن يكون قد اغتسل للجمعة فإنّه يقضي صلاته وصيامه إلى ذلك اليوم ولا يقضي ما بعد ذلك » (٢) ، أمّا قضاؤه الصّلاة فهو على طبق القاعدة ، لأنّ الصّلاة مشروطة بالطّهارة من الحدث ، فإذا نسي الغسل ثمّ تبيّن أنّها وقعت مع الجنابة فيجب قضاؤها لاستكشاف بطلانها.
وأمّا قضاؤه الصّيام فهو على خلاف القاعدة ، لأنّ الصّوم مشروط بعدم تعمد البقاء على الجنابة ، والناسي ليس متعمداً في بقائه على الجنابة ، فالقاعدة تقتضي صحّة صومه وعدم وجوب القضاء عليه ، إلاّ أنّ الأخبار المعتبرة دلّت على أنّ ناسي غسل الجنابة كالعالم والمتعمد (٣) ، فلا بدّ من أن يقضي صومه وليس حاله حال الجاهل بجنابته ، وهذه الرّواية دلّت على أنه إنّما يقضيهما إلى أن يغتسل للجمعة لأنّه يرفع الجنابة فيصح صومه وصلاته ، إلاّ أنّها ضعيفة ومن هنا جعلناها مؤيّدة للمدعى.
وأمّا عدم الحاجة مع ذلك الغسل الندبي إلى الوضوء فالكلام فيه هو الكلام في عدم الحاجة إليه مع الغسل الواجب كما مرّ ، لأنّ الغسل المستحب كالواجب في إغنائه عن الوضوء كما أنّ المكلّف لجنابته لا مقتضي في حقّه للوضوء.
__________________
(١) الوسائل ٢ : ٢٦١ / أبواب الجنابة ب ٤٣ ح ١.
(٢) الوسائل ١٠ : ٢٣٨ / أبواب من يصحّ منه الصّوم ب ٣٠ ح ٢.
(٣) الوسائل ١٠ : ٢٣٧ / أبواب من يصحّ منه الصّوم ب ٣٠.