ومن هنا ترى الأصحاب في مسائل الإرث والدّيات والزّواج يتمسكون بذلك من غير نكير ، مثلاً إذا شكّ في أنّ زيداً من أولاد الميت حتّى يرثه أو أنّه ليس من أولاده لا يعطونه من إرثه ، لاستصحاب عدم تحقّق الانتساب بينهما ، لأنّ الإرث مترتب على من انتسب إلى الميت بالتولد أو بغيره ، ومقتضى الأصل عدمه ، وكذا إذا شكّ في أنّ من يريد تزوّج امرأة كانت امرأة زيد في زمان هل هو ابن زيد ليحرم عليه تزوّج المرأة ، لحرمة منكوحة الأب على ابنه وهي منكوحة لزيد فتحرم على ولده أو أنّه ليس من أولاده ، جاز تزوّج تلك المرأة باستصحاب عدم تحقّق الانتساب بينه وبين زيد بالتولّد.
أو إذا قتل أحد أحداً وشككنا في أنّ المقتول ولد للقاتل حتّى لا يقتل لأنّ الأب لا يقتل بقتل ابنه ولو متعمداً ، وهو من مستثنيات القصاص في القتل العمدي أو أنّه أجنبي عنه وليس ولده حتّى يقتل قصاصاً ، يحكم بقتله لاستصحاب عدم تحقّق الانتساب بينه وبين المقتول بالتوالد ، وهكذا ، فالأصل الجاري في المقام أمر متسالم عليه في أبواب الفقه عندهم.
ولعلّه لذا لم يستشكل شيخنا الأُستاذ قدسسره في تعليقته على المتن في هذه المسألة ، حيث لم يخالف الماتن وأمضى حكمه بإلحاق من شكّ في قرشيتها بغيرها ، مع أنّه قدسسره منع عن الأصل في الأعدام الأزليّة في الأُصول ، ولو لا كونه إجماعيّاً ومورداً لتسالمهم كان من حقّه الاستشكال في المسألة والحكم إمّا بالاحتياط أو بالحيضيّة تمسكاً بعموم ما دلّ على أنّ الدم المشتمل على أوصاف الحيض حيض (١) أو ما دلّ على أنّ ما يمكن أن يكون حيضاً حيض (٢) ، إلاّ أنّه لم يخالف الماتن اعتماداً على إجماعهم وتسالمهم.
إلاّ أنّا لو كنّا لم نقل باستصحاب العدم الأزلي في محله لم يمكننا موافقة المتن في
__________________
(١) راجع الوسائل ٢ : ٢٧٥ / أبواب الحيض ب ٣.
(٢) ستأتي أخبار قاعدة الإمكان في الصفحة ١٩٧ وما بعدها.