أمّا المقام الأوّل : فمقتضى الأخبار المحددة للحيض الواردة في أنّ الصبيّة لا ترى حيضاً قبل إكمالها تسع سنين كما في صحيحة عبد الرّحمن بن الحجّاج المتقدِّمة (١) وغيرها (٢) عدم تحقّق الحيض قبل إكمال الصبيّة تسع سنين ولو كان متّصفاً بأوصاف الحيض.
ودعوى أنّ ذلك محمول على الغلبة ، وإلاّ فالحيض أمر واقعي يخرج من عرق خاص ولو قبل إكمال الصبيّة تسعاً فلا مانع من خروج الحيض قبله.
مندفعة : بأنّ ذلك على خلاف ظواهر الأخبار المحدّدة الدالّة على عدم رؤية الصبيّة الحيض قبل إكمال تسع سنين ، على أنّ الغلبة كما هي متحقّقة قبل إكمال التسع كذلك متحقّقة بعد إكماله ، حيث إنّ المتعارف أنّ الصبيّة لا ترى الحيض قبل إكمال ثلاث عشرة سنة ، وعليه فما فائدة التحديد بالتسع؟ ومعه تقع الأخبار المحدّدة للحيض ببلوغ تسع سنين لغواً ظاهراً ، ولا مناص معه من أن يكون الحيض محدوداً ببلوغ التسع وعدم تحقّقه قبله حقيقة أو بالحكومة لو قلنا بأنّه أمر واقعي وله عرق مخصوص يمكن أن يخرج قبله ، لدلالة الأخبار المذكورة على اشتراط الحيض بالبلوغ.
وأمّا توهّم أنّ الأوصاف الموجودة في الدم أمارة على الحيضيّة ولا مانع من التعبد بها ، لقيام الأمارة عليها على الفرض.
فيدفعه : ما تقدّم من أنّ الأخبار المشتملة على تلك الأوصاف (٣) إمّا أنّ عنوان المرأة قد أُخذ في موضوعها وأنّ الدم الخارج من المرأة إذا كان حارّاً وخارجاً بدفع وقوّة وكان أسود فهو حيض ، وإمّا أنّها مطلقة ولكن التعبد بالحيضيّة إنّما يتصوّر في مورد قابل ، وهو على ما دلّت عليه الأخبار عبارة عن الصبيّة المكملة تسعاً ، ومع عدم بلوغها التسع لا يمكن أن يحكم بكون الدم الخارج منها حيضاً ، كما لا يحكم بذلك
__________________
(١) في الصفحة ٦٦ ، ٦٨ ، ٦٩.
(٢) الوسائل ١٩ : ٣٦٥ / كتاب الوصايا ب ٤٤ ح ١٢.
(٣) الوسائل ٢ : ٢٧٥ / أبواب الحيض ب ٣.