أحدها : ما عن الشيخ في الخلاف (١) وعن السّرائر (٢) والإصباح (٣) من التفرقة بين الدم الّذي تراه الحبلى بعد استبانة حملها فليس بحيض وبين ما تراه قبل الاستبانة فهو حيض ، وادّعى الشيخ قدسسره عليه الإجماع (٤) ، إلاّ أنّ ذلك لم يعهد من غيرهم فضلاً عن أن يكون مورداً لإجماعهم وتسالمهم ، وعليه فيقع الكلام في أنّهم استفادوا هذا التفصيل من أيّ شيء.
والظاهر أنّهم اعتمدوا في ذلك على ما ورد في بعض الرّوايات من أنّ الحيض حبسه الله سبحانه في الرّحم غذاء للولد (٥) ، وعليه فلو كان الولد متحركاً ومستبيناً في بطن امّه على نحو كان قابلاً للأكل ، فلا يخرج الحيض من امّه لأنّه غذاء للولد ، وأمّا إذا لم يستبن ولم يكن قابلاً للأكل فلا مانع من خروجه ، فيحكم عليه بالحيض حينئذ.
ويدفعه : ما قدّمناه من أنّ الحيض وإن كان غذاءً للولد إلاّ أنّه قد يكثر ويخرج عن المرأة على وجه غير غالب ، فهذا التفصيل لا وجه له ، بل ورد في صحيحة أبي المَغراء : أنّ الحبلى بعد ما استبان حملها إذا رأت ما تراه المرأة من الدّم وكان كثيراً فلا تصلِّين وأنّه حيض (٦) فليراجع.
الثّاني : ما ذهب إليه الشيخ قدسسره في نهايته (٧) وكتابيه (٨) في الأخبار من التفصيل بين ما تراه المرأة بعد العادة بعشرين يوماً أي بعد أوّل عادتها ومضي العشرين من أوّلها فهو ليس بحيض ، وما تراه المرأة في عادتها أو قبل مضي عشرين يوماً من عادتها فهو حيض ، وقد مال إليه صاحب المدارك قدسسره وإن قال إنّ
__________________
(١) حكاه وما بعده في الجواهر ٣ : ٢٦٢ ، وراجع الخلاف ١ : ٢٣٩ / المسألة ٢٠٥.
(٢) السرائر ١ : ١٥٠ / باب أحكام الدّماء الثّلاثة.
(٣) إصباح الشيعة : ٣٤ / الفصل السّابع.
(٤) الخلاف ١ : ٢٤٧ / المسألة ٢١٨.
(٥) راجع الوسائل ٢ : ٣٣٣ / أبواب الحيض ب ٣٠ ح ١٣ و ١٤.
(٦) راجع الوسائل ٢ : ٣٣١ / أبواب الحيض ب ٣٠ ح ٥.
(٧) النهاية : ٢٤ / باب حكم الحائض.
(٨) التهذيب ١ : ٣٨٨ / باب الحيض ، الإستبصار ١ : ١٤٠ / باب الحبلى ترى الدّم.