فما عن صاحب الجواهر (١) وشيخنا الأنصاري (٢) قدسسرهما وغيرهما من استبعاد تقييد المطلقات المذكورة بهذه الصحيحة في غير محلّه ، وكم من مورد في الفقه قيّدنا إطلاق الأخبار الكثيرة بمقيّد واحد.
كما لا يمكن تقييد الصحيحة بتلك الأخبار ، بأن يختص الحكم بعدم الحيضيّة بعد مضيّ عشرين يوماً من أوّل عادتها بما إذا كان الدم أصفر ولم يكن على صفات الحيض ، وذلك لاستلزامه أن يكون التقييد بمضيّ عشرين يوماً في الحكم بعدم الحيضيّة لغواً ظاهراً ، لأنّ ما لم يكن بصفات الحيض ليس بحيض حتّى قبل عشرين يوماً ، فما فائدة التقييد بمضي عشرين.
وأمّا ما عن المحقّق الهمداني (٣) قدسسره من أنّ الحكم بأنّ ما تراه الحبلى بعد عشرين يوماً من عادتها ليس بحيض ، كالحكم بأنّ ما رأته في العادة حيض ليس إلاّ بياناً لتكليفها الظاهري في مقام العمل جرياً على ما تقتضيه العادات والأمارات ، لا أنّ ما تراه بعد عادتها بعشرين يوماً يمتنع أن يكون حيضاً في الواقع ولو كان واجداً للصفات وكان دماً كثيراً يصلح أن يكون حيضاً.
فمندفع : بأنّ الصحيحة أو المصححة إنّما وردت مفصلة بين الأمرين ، وظاهرها أنّ ما تراه الحبلى في أيّام عادتها حيض حقيقة أو حكماً ، وما تراه بعد العادة بعشرين يوماً ليس بحيض أيضاً حقيقة أو حكماً ، فما احتمله قدسسره على خلاف ظاهر الصحيحة وممّا لا وجه له.
وثالثها : ما تراه الحبلى بعد انقضاء أيّام عادتها كعشرة أيّام من أوّل الشهر مثلاً وقبل مضي عشرين يوماً ، كما إذا رأته في العقد المتوسط من الشهر ، ولا تعرض في الصحيحة إلى أنّه حيض أو ليس بحيض ، فلا بدّ فيه من الرّجوع إلى بقيّة الأخبار
__________________
(١) الجواهر ٣ : ٢٦٥ / الفصل الثّالث في الاستحاضة.
(٢) كتاب الطّهارة : ٢٤٦ السطر ٦ / المقصد الثّالث في الاستحاضة.
(٣) مصباح الفقيه ( الطّهارة ) : ٢٩٩ ، السطر ١٧.