ولا وجه للتشبث بما دلّ على أنّ الحيض إنّما يحكم بانقطاعه فيما إذا انقطع من الرّحم ولم يبق فيه أو في المخرج دم (١).
وذلك للفرق بين الحدوث والبقاء ، فإنّ الحيض بعد حدوثه ووجوده لا يحكم بارتفاعه وانقطاعه إلاّ بانقطاعه من مادّته ، نظير العيون الخارجيّة حيث لا يقال إنّها جفّت إلاّ إذا لم ينبع الماء في مادّتها ، وأمّا مع وجوده في المادّة والمنبع ويبوسة الخارج أو المجرى فلا يصدق الجفاف واليبوسة ، وهكذا الأمر في الحيض فلا يقال إنّه انقطع إلاّ أن ينقطع من الرّحم ولا يكون فيه أو في المخرج شيء ، وأمّا بحسب الحدوث فليس الأمر كذلك ، لأنّ الحيض لا يصدق إلاّ بالخروج إلى الخارج كما مرّ.
ثمّ لو سلّمنا عدم ظهور الأخبار فيما ذكرناه وشككنا في أنّ مثله من الحيض أو من غيره فلا محالة أن نرجع إلى العمومات والمطلقات ، وهي تقتضي وجوب الصّلاة والصّيام على المرأة حينئذ.
وتوضيح ذلك : أنّ العمومات والمطلقات دلّت على أنّ المكلّف مأمور بالصلاة وغيرها من الأحكام ، وإنّما خرج عنها الحائض بتلك الأخبار الواردة في أنّ الحائض تترك الصّلاة وحيث أنّها مجملة وقد قلنا في محله أنّ إجمال المخصص المنفصل لا يسري إلى العام فتكون العمومات حجّة في غير المقدار المتيقن من المخصص المجمل وهو الدم المنصب من الرّحم غير الخارج إلى خارج الفرج فيحكم على المرأة حينئذ بوجوب الصّلاة والصّيام ولا يعامل معها معاملة الحائض ، نعم لا يمكننا المصير إلى الاستصحاب حينئذ لأنّ الشبهة حكميّة.
__________________
(١) الوسائل ٢ : ٣٠٨ / أبواب الحيض ب ١٧.